مع صلوات القنديل العام وجمعة ختام الصوم، نرفع قلوبنا إلى الله لتكون ختام الحزن والآلم لكل نفس متضايقة ولكل نفس مجربة بالضيقات وينهشها الخوف والقلق ختام للتجارب الصعبة وللأحزان الثقيلة على الروح والقلب
مازلت أتذكر عندما كنت صغيراً وكنت أنتظر إسبوع الآلام كل عام بفرحة عارمة وكبيرة، أنتظر أن يأتي يوم الأحد وهو أحد الشعانين لألعب بالسعف وأصنع منه الصلبان والخواتم وكان والدي يصنع لي جحش مضفر من السعف..
في خلال عرض مدته ساعة وتلت أظن بأنني فكرت في أشياء كثيرة، فكرت في كم مرة قررت أن أبتعد عن حضن الله الذي أحبني وأن ابتعد عن كنيسته، ولكن كلما هممت أن أعود وجدت حضنه ينتظرني مفتوحاً بالأبوة والمحبة الصادقة
لا أعرف لماذا دوماً ننظر حولنا وتحت أرجلنا ونغفل أن ننظر نحو السماء، ونصرخ إلى الله كي يتدخل ويحمي قلوبنا ويحوط على نفوسنا ضد حيل العدو وشباك اليأس، التي تحاول أن تلتهم نفوسنا وتغرقنا في طي الدموع..
هل تعلم يا صديقي بأن أحياناً كثيرة أن نكون بمفردنا ونتكيء على رحمة الله أفضل من أن نتكل على معونة البشر ومساعدتهم؟، فأحياناً يتظاهر البعض بالمحبة أو بالدعم ويكون بداخله ما يضمره تجاهنا عكس ما يظهره..
نتعلم من اتضاع وتواضع السيد المسيح له كل المجد الذي كان ليس في حاجة للمعمودية كما نجد أن القديس يوحنا المعمدان يقول له: انا محتاج ان اعتمد منك وانت تاتي الي ، ولكنه اعتمد ليكمل كل بر.
وفيه نتذكر قصة القديس والشهيد العظيم يوحنا المعمدان الذي كان ميلاده فرحاً وبهجة لأبيه زكريا الكاهن وزوجته أليصابات التي ظلت عاقراً لسنين وأسموه يوحنا لأن الله تحنن عليهم ورحمهم بميلاد النبي..
في اللحظة التي نخشى فيها أن نسير في الحياة بمفردنا دون صديق يهون على قلوبنا، أو سند نلتجيء إليه لنجد الصدر الحنون الذي يضمنا، نجد الله يسير معنا ويقطع بنا طرقاً كنا نحسب إننا لن نقدر عليها..
لماذا أحزن أو أجعل الحزن والآلم والتجربة السيئة مكانا في قلبي، فإن كان القلب الآخر أخرج الشر من قلبه ليؤذيني فيجب على قلبي أن ينسى حتى لا يسكنه الشر ويظل صالحاً كما أحاول أن أبقيه دائماً.
في كل تجربة صعبة نمر بها يكون الله هو الحصن الذي يحمي بنيه والمتوكلون على اسمه، وفي كل لحظة تظلم الحياة في عين أتقياء الرب، يكون هو النور والسراج المنير أمام العارفين اسمه والمنتظرين خلاصه..
إرميا لم ينزل إلى بيت الفخاري ليعظ الآخرين، بل ليتلقى درسًا عمليًا في تشكيل شخصيته. وكما رأى الفخاري الجمال في الفساد، يعلمنا الله أن هناك فرصة للتجديد في كل تجربة قاسية نمر بها في حياتنا..
لمجد ليك في الأعالي والسلام بميلادك يا عالي ومستني فرحة بمجيك تغير فيا حالي
في كل مرة وأنت تصلي وترفع عينيك نحون السماء تأكد أن يديك لن ترجع خاوية، بل سترجع محملة بدموع الفرح بأن الله لم يتركك أو تخلى عنك، حتى وأن بدت الأمور عكس هذا..
عندما نتأمل في صلاة داود النبي وتسليمه لله في التجارب والضيقات، نجد أنه يسلم لله كما الطفل الواثق في أباه الذي يرعاه ويهتم به ويعرف أنه لن يتركه ولن يتخلى عنه بل يعطيه ما يتمناه ويزيده..
قبل أن تنظر لمستحيلات الحياة بعين اليأس، ارفع عينيك إلى الله بروح الأمل والإيمان، روح التصديق بأن الله يقدر أن يفرح قلبك كما أفرح قلب زكريا الكاهن واليصابات زوجته بيوحنا المعمدان..