رئيس التحرير
عصام كامل

حب يعيش

في حياة الإنسان المؤمن، تعد المحبة حجر الزاوية الذي ينبني عليه الإيمان الحقيقي. ليست المحبة كلمات نتفوه بها فحسب، بل هي أعمالٌ تظهر في سلوكنا اليومي. يُعلمنا الكتاب المقدس أن المحبة الحقيقية تُعرف من خلال الأفعال، وليس من خلال الكلمات فقط. نستعرض هنا قصة إفرايم، الرجل الذي جسد المحبة في أفعاله، لنتعلم منه كيف نترجم المحبة إلى أفعال ملموسة.


قال معلمنا ومعلم البشرية الأعظم السيد المسيح له كل المجد في بشارة معلمنا يوحنا 13: 34-35: "وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ".

 

ففي قرية صغيرة وجميلة، عاش إفرايم، رجل مشهور بحكمته ولطفه. كانت حياته تجسيدًا عمليًا للمحبة التي يعلمنا إياها الكتاب المقدس. لم يكن إفرايم مجرد شخص ينصح بالكلمات، بل كان يعيش المحبة في كل تفصيلة من تفاصيل حياته.

 

في يوم من الأيام، جاء إلى القرية رجل فقير يرتدي ملابس مهترئة، يبدو عليه الجوع والتعب. دخل الرجل إلى دكان إفرايم الذي كان معروفًا بكرمه. سأله الرجل الفقير بلطف: "هل يمكن أن تعطيني بعض الطعام؟ أنا لم أذق طعامًا منذ أيام." ابتسم إفرايم وقال: "بالطبع، ولكن تعال معي إلى منزلي، سأعتني بك."

 

قاد إفرايم الرجل إلى منزله، حيث قدم له الطعام والشراب وأعد له غرفة للنوم. لم يكتفِ إفرايم بتقديم المساعدة الفورية، بل قرر أن يمنحه فرصة ليبدأ حياة جديدة. عرض عليه العمل في مزرعته بأجر يومي يكفيه ليعيش بكرامة.

 

مع مرور الأيام، بدأ الرجل الفقير يستعيد عافيته وأصبح جزءًا من المجتمع. كان يعمل بجد في مزرعة إفرايم، ويتعلم منه الكثير عن الحياة والعمل. تعلم الرجل من إفرايم أن المحبة ليست مجرد عطاء مؤقت، بل هي التزام دائم يظهر في الأفعال.

 

أصبح إفرايم قدوة لجميع سكان القرية. كانوا يرونه يعامل الجميع بالاحترام واللطف، ويقدم المساعدة دون انتظار مقابل. تذكر أهل القرية كلمات السيد المسيح عن المحبة الحقيقية التي لا تظهر إلا في الأفعال. تعلموا أن الإيمان الذي لا يتجسد في الأعمال هو إيمان ميت.

 

ففي رسالة معلمنا يعقوب الرسول 2: 17 نقرأ: "هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ" وفي موضع آخر وبالتحديد في رسالة معلمنا ماريوحنا الأولى، نجد الكتاب يقول في 1 يوحنا 3: 18: "يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!"

 

تعلمنا قصة إفرايم أن المحبة الحقيقية تُرى في الأفعال، وليس فقط في الكلمات. من خلال محبته وأفعاله، أصبح إفرايم شاهدًا حيًا على وصايا السيد المسيح. دعونا نتذكر أن العالم لن يصدق كلامنا عن المحبة إلا عندما يراها مجسدة في حياتنا اليومية. بهذا تكون شهادتنا عن المسيح قوية وفعّالة، ونكون نورًا للعالم.

 

 

إن حياة إفرايم تعلمنا درسًا عميقًا في كيفية تطبيق المحبة في حياتنا اليومية. ليس من السهل دائمًا أن نترجم مشاعرنا إلى أفعال، لكن الكتاب المقدس يذكرنا بأهمية أن تكون أعمالنا شاهدة على إيماننا. لنتأمل في حياتنا ونسأل أنفسنا: كيف يمكننا أن نكون مثل إفرايم؟ كيف نجعل من محبتنا أفعالًا يراها الجميع؟ بهذه الطريقة، نكون قدوةً ونشر المحبة الحقيقية في العالم.
للمتابعة على قناة التليجرام: @paulawagih

الجريدة الرسمية