رئيس التحرير
عصام كامل

مترحش لغيره

في الحياة اليومية، نواجه جميعًا أوقاتًا عصيبة تضيق فيها علينا السبل وتثقل فيها الأعباء على كواهلنا. كلما تعمقنا في هذه الأوقات الصعبة، نجد أن الإيمان يصبح منارة لنا، يضيء لنا الطريق وينير لنا الظلمات. 


إذ نتذكر ونتأمل قول الرب في مزمور 86: 7: "فِي يَوْمِ ضِيقِيْ أَدْعُوكَ، لأَنَّكَ تَسْتَجِيبُ لِي."، ومعه نتذكر قصة مراد وعائلته البسيطة وحياتهم التي رغم بساطتها كانت أمامهم أحيانًا معوقات وضيقات، ولكن دعني أذكر لك قصة معينة منها..


مراد، رجل بسيط من قرية ريفية صغيرة، يعيش مع زوجته وأطفاله الثلاثة. يعمل مراد في الحقول من الفجر حتى المغيب، يُكدّ ويجتهد لضمان حياة كريمة لعائلته. كان مراد معروفًا بين أهل قريته بالتواضع وحسن الخلق، وكان يتفانى في تقديم المساعدة لكل من يحتاجها.


في يوم من الأيام، مرضت ابنته الصغيرة ليلى بمرض نادر. بدأت علامات المرض تظهر عليها، وفشل الأطباء في تشخيص حالتها بدقة. جال مراد بين الأطباء والمستشفيات، ولكن كل زيارة كانت تحمل معه المزيد من الحيرة واليأس.


أخبره الأطباء أن علاج ليلى سيكون مكلفًا جدًا، وتوقعوا أن شفائها سيكون صعبًا. وجلس مراد في غرفته ذات ليلة، وحينها شعر بثقل العالم على كتفيه، وكان يفكر في حال ابنته ومستقبلها المظلم. 
بدأ قلبه يتوجع مع كل نبضة. تذكر مراد الكلمات التي كان يسمعها من والده في صغره: "فِي يَوْمِ ضِيقِيْ أَدْعُوكَ، لأَنَّكَ تَسْتَجِيبُ لِي." كانت هذه الآية تبث في قلبه بعض السكينة. 

 

جثا مراد على ركبتيه، ورفع يديه إلى السماء وبدأ يصلي بدموع حارة. قال حينها كلمات معدودات ولكن كانوا كسهام تطير نحو السماء: "يا رب، أنت الأعلم بما في قلبي، وأنت القادر على كل شيء. أرجوك يا رب، أن تنقذ ابنتي ليلى. لا تتركنا وحدنا في هذا الظلام، كن معنا وأرشدنا إلى طريق الشفاء".
 

مرت أيام قليلة بعد تلك الليلة، وإذ زار القرية طبيب جديد كان قد تطوع لخدمة المناطق النائية. سمع الطبيب بقصة ليلى وأبدى رغبته في مساعدتها. بعد فحص شامل، اكتشف الطبيب أن حالة ليلى قابلة للعلاج، وبدأ برنامج علاج مكثف. 

 

بفضل نعمة الله الذي يسمع ويستجيب، تحسنت حالة ليلى تدريجيًا، وعاد الأمل إلى قلوب مراد وعائلته في تلك اللحظات، أدرك مراد معنى كلمات المزمور العميقة. تعلم أن الله لا يترك عباده في أوقات الضيق، بل يستجيب لدعواتهم ويهديهم إلى طرق النجاة. وكما جاء في مزمور 50: 15: "وَادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي".


القصة تعلمنا أن الإيمان الحقيقي يتجلى في أصعب الأوقات، وأن الثقة بالله يمكن أن تفتح لنا أبواب الأمل حتى في أحلك الظروف. مراد كان نموذجًا للإيمان والصبر، وتأكيدًا على أن الله يستجيب لمن يدعوه بإيمان وإخلاص.

 


لذا، يجب علينا أن نحتفظ بإيماننا القوي وأن نتذكر دائمًا أن الله معنا ويستجيب لدعواتنا في أيام الضيق. ففي حياتنا، قد نواجه العديد من المصاعب، ولكن بتذكرنا لكلمات المزمور وإيماننا العميق بأن الله يستجيب لنا، يمكننا التغلب على كل التحديات وتحقيق السلام الداخلي الذي نبحث عنه.
للمتابعة على قناة التليجرام: @paulawagih

الجريدة الرسمية