رئيس التحرير
عصام كامل

كلمة الحياة

شرنقة وتعدي!

كان النهار قد بدأ للتو في الظهور، والشمس ترسل أشعتها الذهبية لتضيء شوارع المدينة. على جانبي الطريق، كانت هناك حركة دؤوبة للباعة الجائلين، يعرضون بضائعهم المتنوعة على المارة. كانت هذه الساحة مشهدًا مألوفًا في حياة الناس، حيث يختلط فيها صخب البيع والشراء بروائح المأكولات الطازجة وألوان الفواكه الزاهية.

 

وسط هذا الزخم، كان هناك رجل مسن، يجلس على كرسيه الخشبي المتهالك، يبيع أدوات بسيطة كالخيوط والإبر وبعض الأدوات المنزلية الصغيرة والخردوات. كان الرجل معروفًا بين الناس بطيبته وحكمته. كان يتحدث مع زبائنه بكلمات رقيقة، ويسرد لهم حكايات عن الماضي والحاضر.

 

وفي أحد الأيام، بينما كان الرجل منشغلًا بترتيب بضاعته، اقترب منه شاب يبدو عليه التعب والإرهاق. جلس الشاب بجانب الرجل المسن وبدأ يشكو له همومه وأحزانه. كان يشعر بالضياع في هذه الحياة، بلا هدف ولا معنى. استمع الرجل المسن للشاب بصبر، ثم قال له بحكمة عميقة: "يا بني، كما قال الرب في الكتاب المقدس: 'أَنِّي عَرَفْتُ الأَفْكَارَ الَّتِي أَنَا مُفْتَكِرٌ بِهَا عَنْكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرّ، لأُعْطِيَكُمْ آخِرَةً وَرَجَاءً' (إرميا 29:11)".

 

كانت كلمات الرجل المسن مثل نور يسطع ويشق طريقه في ظلام الشاب. الذي بدأ حينها يشعر بشيء من الأمل يتسلل إلى قلبه. استمر الرجل المسن في الحديث، قائلًا: "الحياة يا بني مليئة بالتحديات والمصاعب، ولكن يجب أن نتذكر دائمًا أن الله لديه خطة لكل واحد منا. كما قال في الكتاب المقدس: 'تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ، فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ.' (أمثال 3:5-6)".

 

ولإيصال رسالته بشكل أعمق، أمسك الرجل المسن بعلبة صغيرة تحتوي على دودة قز. قال للشاب: "انظر إلى هذه الدودة الصغيرة. قد تبدو ضعيفة وعديمة القيمة الآن، لكنها تحمل في داخلها سر الحياة والتجدد. تقضي هذه الدودة أيامها داخل الشرنقة، في ظلمة وضيق، ولكنها لا تستسلم. بل تخرج بعد ذلك فراشة جميلة تحلق بحرية في السماء".

 

تأمل الشاب في دودة القز وتذكر كلام الرجل المسن. بدأت الدودة تتحول إلى رمز للأمل والتجدد في خياله، ويتخيل معها نفسه وهو يستطيع أن يُحلق معها بعد ضغوطه. ولكن قاطعه صوت الرجل عندما قال: "كما قال الكتاب المقدس في رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس: 'إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدً.' (2 كورنثوس 5: 17)".

 

بدأ الشاب يشعر بالراحة والسكينة بعد حديث الرجل المسن. وشكره على كلماته ونصائحه الثمينة، ونهض من مكانه بروح جديدة وإيمان متجدد. كانت هذه الكلمات البسيطة كافية لتعيد له الأمل وتمنحه القوة لمواجهة الحياة من جديد.

 

 

وفي تلك اللحظة، أدرك الشاب أن الحياة هي رحلة مستمرة، مليئة بالتحديات والفرص. كما قال ربنا يسوع المسيح في الكتاب المقدس: 'قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ' (يوحنا 16: 33)."، فربما اليوم تحصرنا شرنقات التجارب واليأس، وغدًا تكون لنا أجنحة الفراشات والأمل، بل ويتجدد شبابنا أيضًا كما يُجدد شباب النسور.
للمتابعة على قناة التليجرام: @paulawagih

الجريدة الرسمية