رئيس التحرير
عصام كامل

كلمة الحياة

يظهر في الظلام

وقت الشدة هو الوقت المناسب كي ترى الله كأنك لم تراه من قبل عندما يتخلى عنك كل الناس، هذه الكلمات تحمل في طياتها عمقًا روحيًا وتجربة إنسانية عميقة. إذ إنها تصف اللحظات التي نمر فيها بالصعوبات ونتساءل عن وجود الله، ولكن في ذات اللحظة نجد فيه الأمل والقوة.

عم يوسف

في إحدى القرى الصغيرة، عاش رجل يدعى يوسف. كان يوسف رجلًا طيب القلب، يعمل بجد لإعالة أسرته. كانت حياته بسيطة ومستقرة، حتى جاء يوم عصيب تغيرت فيه كل الأمور. تعرضت قريته لكارثة طبيعية دمرت بيته ومزرعته، وفقد كل ما يملك. بعد هذا الحدث، تخلى عنه العديد من أصدقائه وجيرانه، ولم يبقَ بجانبه سوى زوجته وأطفاله.

 

في تلك اللحظات المظلمة، شعر يوسف بمرارة الوحدة واليأس. جلس على حطام بيته، ورفع يديه إلى السماء، سائلًا الله: "يا رب، أين أنت في هذه اللحظة؟ لماذا تركتني وحدي في هذا الوضع؟" وفي خضم تلك اللحظات الحزينة، شعر يوسف بلمسة هادئة على كتفه، وكأن الله يهمس له: "لا تخاف، أنا معك".

 

تذكر يوسف ما جاء في سفر يشوع 1: 9: "أَمَا أَمَرْتُكَ؟ تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ! لاَ تَرْهَبْ وَلاَ تَرْتَعِبْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مَعَكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ". كانت هذه الآية بمثابة نور في ظلام حياته، ومنحته الشجاعة لمواصلة العمل والنضال وألا يستسلم لليأس بل يثابر ويحاول قدر استطاعته.

 

في الأيام التالية، بدأ يوسف ببطء في إعادة بناء حياته. كانت هناك لحظات كثيرة من الصعوبة والدموع، ولكنه كان يشعر دائمًا بحضور الله في كل خطوة. تذكر أيضًا كلمات الرسول بولس في رسالته إلى أهل كورنثوس الثانية 12:9: "فَقَالَ لِي: فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ".

 

جني الثمار

بعد شهور من العمل الجاد والتعب، بدأ يوسف يرى ثمار جهوده. استعاد جزءًا من مزرعته، وبدأت محاصيله تنمو من جديد. ولكن الأهم من ذلك، اكتشف يوسف أنه لم يكن وحيدًا في هذه الرحلة. فقد كان الله معه في كل خطوة، يعينه ويقويه، حتى في تلك الأوقات التي كان لا يهم فيها أحد أمره.

 

وتذكر يوسف مزمور 23: 4: "أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي". شعر بأن الله كان يرعاه في كل لحظة، وأن حضوره كان يعزيه في أحلك الأوقات ولم يتخلى عنه لحظة مطلقًا، بل كان حاضرًا بنعمته وقوته في كل لحظات أزمته وضيقته ويدبر أموره.

 

كله للخير

عندما استعاد يوسف عافيته ومزرعته، علم أن الله كان يستخدم هذه الأوقات ليقربه إليه، وليظهر له محبته الأبدية، وليعزز إيمانه به. كما قال الله في إشعياء 41:10: "اَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي".

 

 

في نهاية المطاف، أدرك يوسف أن الله لم يتركه أبدًا، وأنه كان دائمًا بجانبه في كل لحظة من حياته، حتى عندما تخلى عنه الجميع. ولكن يظل السؤال، هل ستظل خائفًا متفكرًا في قلبك بأنك وحدك في أوقات ضعفك؟، أم ستعيش بالأمل والرجاء واليقين بأن الله معك حينما لا يكون بجانبك أحد؟، وأنه مازال يعتني بك حتى ولو خذلك الجميع.
للمتابعة على قناة التليجرام: @paulawagih

الجريدة الرسمية