رئيس التحرير
عصام كامل

طموح وشر

في زاوية من زوايا قرية نائية، حيث يعم الحقول الخضراء صمت السلام، عاش رجل يُدعى رأفت. كان رأفت شابًا طموحًا، يملأ قلبه الأمل، وكانت أحلامه لا تعرف حدودًا. ورث من والده قطعة أرض واسعة، وكانت تلك الأرض هي بداية قصته مع المال، والتي ستقوده في النهاية إلى إدراك حقيقة مرة حول الحياة والطموح.

البداية والطموح

بدأت رحلة رأفت الطموحة بقرار جريء. قرر رأفت أن يستثمر ميراثه في مشروع عقاري بدلًا من الزراعة التقليدية التي عرفها أهله وأجداده. رأى في بناء العقارات فرصة لتحقيق الربح السريع، وفي ظل هذه الأحلام الوردية، بدأ ببناء مجموعة من المنازل الحديثة. بدا أن الحظ يبتسم له، إذ بيعت المنازل بسرعة، وبدأت الثروة تتدفق إلى جيوبه.

الانغماس في المال

مع زيادة المال، بدأ رأفت يشعر بقوة الثروة، وشعر بأن المال هو المفتاح لكل الأبواب المغلقة. أصبح يومه وليله مرتبطين بحساب الأرباح والخسائر. ومع مرور الوقت، بدأت محبة المال تتسلل إلى قلبه، وجعلته يبتعد عن القيم والمبادئ التي تربى عليها. أصبح طماعًا، يبحث عن الربح بأي وسيلة كانت، حتى ولو على حساب نزاهته وصداقاته.

الانحدار والضياع

في أحد الأيام، وبينما كان رأفت جالسًا في مكتبه الفاخر يتصفح بعض الأوراق، لفتت نظره آية من الكتاب المقدس كانت مكتوبة على ورقة نتيجة: "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ." (1 تيموثاوس 6: 10). تأمل رأفت في هذه الآية بعمق، شعر بوخزة في قلبه، لكنه لم يستطع التوقف عن سعيه المحموم وراء المال.

فقدان الأحباء

بدأت الأمور تتغير في حياة رأفت تدريجيًا. بدأ يفقد أصدقائه وأحبائه واحدًا تلو الآخر، إذ أصبح أكثر أنانية واستغلالًا. كانت علاقاته مبنية على المصلحة الشخصية فقط، وأصبح الناس ينفرون منه. حتى أقرب الناس إليه بدأوا يتجنبونه، وشعر بالعزلة والوحدة رغم ثروته الكبيرة.

الأزمة الكبرى

جاءت الصدمة الكبرى عندما اكتشف رأفت أن أحد شركائه في العمل قد خانه وسرق منه مبلغًا كبيرًا من المال. كانت هذه اللحظة بمثابة ضربة قاسية له، إذ وجد نفسه وحيدًا، محطمًا، ومثقلًا بالديون. شعر وكأن العالم كله قد انهار فوق رأسه. في هذه اللحظة، تذكر رأفت الآية التي قرأها: "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ" وأدرك أنه قد ضل عن الإيمان وطعن نفسه بأوجاع كثيرة.

التوبة والعودة

بدأ رأفت يفكر في كل شيء من جديد. قرر أن يعود إلى قريته البسيطة، ليبدأ من جديد حياة متواضعة ومليئة بالسلام الداخلي. استغل ما تبقى له من موارد في خدمة الآخرين، وبدأ يعيش حياة ملؤها المحبة والتواضع. تعلم رأفت درسًا قاسيًا أن السعادة الحقيقية لا تأتي من المال، بل من العلاقات الطيبة والمحبة الصادقة.

 

 

علينا يا عزيزي أن نتذكر دائمًا أن السعادة الحقيقية تكمن في القناعة والمحبة والخدمة. تذكر دائمًا قول الكتاب المقدس: "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ"، وعيش بمباديء الإنجيل إذ كنت تبحث عن السعادة الحقيقية وليست الزائفة في حياتك.
للمتابعة على قناة التليجرام: @paulawagih

الجريدة الرسمية