ما أشد معاناة الصحف الورقية التي باتت على شفا الهاوية والانقراض بفعل الأزمات العاصفة التي تمر بها؛ فثمة مصاعب اقتصادية وغلاء فاحش في مستلزمات الطباعة والتشغيل وندرة الإعلانات و..
جاءت عمومية الصحفيين يوم الجمعة قبل الماضية ولم يكتمل نصابها كما توقعت.. وكان مقررا لها لو اكتمل نصابها بحضور 50% زائد واحد لانتخاب نقيب الصحفيين وستة من أعضاء مجلس النقابة..
ما يحزن في هذا الأمر ما سمعناه عن سماح صحف خاصة وحزبية بدخول أعضاء للنقابة بإملاءات وشروط غير مهنية تسببت للأسف في تجاوزات غير أخلاقية تنتهك تقاليد عريقة للمهنة أرساها رواد مبدعون..
ثمة جحافل صحفية تسربت في غفلة أو كبوة إلى صاحبة الجلالة بلا تأهيل ولا حاجة حقيقية تقتضي وجود كل هذه الكثرة في بلاطها.. ناهيك عن غياب التدريب والتقويم وتناقل الخبرات وضعف ..
من سمح بظهور الأغاني المبتذلة والزاعقة.. ومن مهد التربة لسريان الشائعات واغتيال سمعة الأبرياء.. فهل يمكن أن نبريء وسائل التواصل الاجتماعي أو برامج التوك شو أو الأعمال الدرامية الهابطة..
الإعلام شأنه شأن أي مهنة ينهض على أعمدة العلم وليس على المحسوبية والفهلوة؛ فهو أخطر المهن قاطبة؛ ذلك أنه يبني أمماً أو يهدمها بكلمة أو صورة أو أغنية، كما أنه مكون أصيل وكاشف لمنظومة..
آن للقبح أن يتوقف، وللفوضى الإعلامية أن تزول وإن يكون إعلامنا جزءاً من الحل لمشكلات معقدة وأن يتخلص من أي محتوى غث متهافت ضرره أكثر من نفعه إن كان له نفع.. وأن يعود..
فلا تعجب إذا ما وجدت هناك روحا تلهب وجدان الجماهير وتأخذ بناصيتهم إلى الفعل والتغيير وبين جيوش جرارة من الصحفيين يثيرون طحنًا كثيراً بلا طحين. فهل نجد في أجيالنا الجديدة أمثال..
ثمة تراجع لا ينكره أهل المهنة ليس في أرقام توزيع الصحف المطبوعة ونسب المشاهدة وحدها بل ثمة تراجع أشد فداحة وسوءاً في قيم المهنة وجودة المحتوى المعروض وجاذبيته..
فإذا ما سلمنا بأن الإعلام والصحافة رسالة ليس من بين أهدافها تحقيق الربح وهما بالفعل كذلك.. يصبح السؤال وهو بالمناسبة يخص كل من يرجو صناعة رأي عام مستنير وحقيقي وواعٍ وليس فقط..
كم تمنيت أن نعيش الحب دوماً لا أن نحتفل به يوماً واحداً في العام.. فالحب يعني الكثير والكثير.. الحب الحقيقي أن تشعل أناملك كي تضيء لهم الطريق، وتحرق أيامك كي تبث فيهم الدفء، وتمنحهم..
كما أن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلِم؛ ولا يعني ذلك إبداء الشماتة في الظالم لكن أن يرفع المظلوم أمره إلى القضاء لدفع هذا الظلم عنه ورد الحق مرة أخرى لصاحبه..
جبر الخواطر يعبر عن عظمة أخلاق المسلم ونبله وكرمه ومواساته لأخيه المسلم وشركائه في الوطن في المحن والشدائد.. وجاءت آية "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى" كاشفة لعظم جبر..
فليس كل ما يُعرف يقال أو ينشر بين عوام الناس.. وتسليط الضوء على أي سلوكيات منحرفة يزيدها انتشارًا ويعطي لأصحابها مزيدًا من الجرأة على ارتكابها جهارًا نهارًا دون خجل أو..
ما يحدث في مجتمعاتنا مؤشر كاشف لما وصلت إليه أخلاقنا.. وكيف تحولت من التسامح والحب والرحمة بالصغير وتوقير الكبير والعفو عن المسيء إلى النقيض تماماً حتى بلغت حد الغلظة والتعسف والعنف..