التحول الأخضر وتسعير الكربون.. هل ينقذ البشرية؟!
الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى انتكاسة مناخية عالمية سوف تدفق آثارها السلبية تباعًا؛ ذلك أنها أعادت أوروبا مثلًا إلى استخدام الفحم كوقود أكثر تلويثًا للبيئة، كما أعادت أمريكا للوقود الأحفوري تنقيبًا واستخدامًا وتصديرًا.. ومن ثم تأتي أهمية المبادرة الرئاسية بزراعة 100 مليون شجرة بالمحافظات لتنسجم مع مستهدفات مصر في مجال مكافحة التغيرات المناخية، التي باتت خطرًا محدقًا تذوق الإنسانية ويلاته في موجات جفاف وتصحر اجتاحت العالم في السنوات الأخيرة.
كما تنسجم تلك المبادرة مع جهود الدولة ومشروعاتها الرائدة في التحول الأخضر، وهي تجربة متميزة حصدت إشادات دولية في مؤتمر المناخ الأخير بشرم الشيخ.. المبادرة الرئاسية بدأت بحملة تشجير موسعة على جانبي الطرق السريعة بالمحافظات، ومواقع عديدة تم رصدها لتكون حدائق مركزية؛ تعمل على تحسين نوعية الهواء، والحد من مخاطر الاحتباس الحراري، والحفاظ على الصحة العامة للمواطنين، وزيادة الرقعة الخضراء، وتوفير فرص عمل في زراعة الأشجار الجديدة، وتحقيق الاستفادة الاقتصادية للدولة.
فعليًا قامت المحافظات بزراعة 3 ملايين و700 ألف شجرة حتى الآن، بينما المستهدف زراعة نحو 7.7 مليون شجرة خلال العام الحالي؛ على أن تسهم وزارة التنمية المحلية بزراعة 80 مليون شجرة، وتستكمل وزارتا البيئة والإسكان غرس 20 مليون شجرة..
التحول الأخضر
وتستهدف المبادرة نحو 9900 موقع بالمحافظات على مساحات تصل إلى 6600 فدان؛ لتكون غابات شجرية أو حدائق تعتمد على مياه الصرف المعالج، ويتم توريد 20 صنفًا من شتلات الأشجار بما يتناسب مع الظروف الجوية لكل محافظة، وتتضمن أشجار الكافور والكازوارينا، والكونوكاربس، والبرتقال، والجوافة، والزيتون، والبالونيا، والحور الأبيض، والماهوجي، والليمون والرمان وغيرها من الأصناف.
لا شك أن المبادرة رائدة في بلدنا ويبقى سرعة التنفيذ لتنقية الأجواء وحماية المواطنين من أضرار التلوث؛ فالصحة السليمة أساسها بيئة صحية وغذاء آمن ومياه نظيفة.
خبراء الأرصاد والمناخ يخشون من أن يكون عام 2023 هو العام الأسوأ من حيث ارتفاع الحرارة التي يتوقع أن ترتفع حدودها المتوسطة بنحو 1.2 درجة مئوية؛ وهي معدلات عالية لم يتعرض لها العالم بهذا الشكل من قبل إلا 9 مرات، وإذا صحت التوقعات، فسيكون هذا العام هو العاشر الذي تصل فيه الحرارة إلى هذه المعدلات بسبب تزايد الانبعاثات الدفيئة المضرة بالطبيعة.
ثمة توقعات بأن يودي هذا التغير بحياة الآلاف، وأن تصل الخسائر المناخية في 2023 إلى تريليون دولار، إذا لم تتخذ خطوات جادة لوقف هذا التهديد.. فكيف تحقق البشرية المعادلة الصعبة بتوفير مناخ جيد، والحفاظ على ارتفاع 1.5 درجة فقط على مستوى العالم..
لقد أوصى البنك الدولي بضرورة تسعير الكربون؛ وهو ما قطعت فيه مصر فعليًا خطوات مهمة بإنشاء أول سوق طوعي للكربون في أفريقيا؛ وذلك عبر تشجيع الزراعات الأورجانيك التي تعتمد على السماد العضوي غير المعالج كيماويًا، والري بطريقة نظيفة اعتمادا على الطاقة المتجددة سواء طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية.
وهناك تجارب نجاح في مصر ينبغي تشجيعها وتعميمها حتى نخفف وطأة التغيرات المناخية هنا في مصر.. كما أوصى البنك الدولي بضرورة إنهاء دعم الوقود الأحفوري الذي يتسبب في انبعاثات ضارة بالبيئة، وبناء المدن المرنة ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة النظيفة واستخدام الطاقة المتجددة، وتطبيق ممارسات الزراعة المراعية للمناخ والتوسع في الغابات.. فضلًا على الالتزام بالاتفاقيات المناخية الرسمية.