تعظيم الإنتاج الزراعي.. لماذا وكيف؟ (2)
أزمتنا مع الدولار لن يحلها إلا مزيدًا من التصدير والاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية والدواء.. وإذا كانت مصر بلدًا زراعيًا بالأساس، قامت حضارتها العريقة على ضفاف النيل وكانت يومًا سلة غذاء العالم في عهد الرومان.. ومن ثم فقد توقفت طويلًا أمام ما قاله الدكتور محمد فتحي سالم، أستاذ الزراعة الحيوية بجامعة السادات وكيف يقدم الرجل حلولًا جذرية لنقص الإنتاج الزراعي؛، وذلك خلال حواره ببرنامج حديث القاهرة، مع الاعلامي ابراهيم عيسى.
لقد وضع الدكتور محمد فتحي سالم يده على مواطن الخلل ولم يكتف بذلك، بل قدم حلولًا علمية واقعية عن تجربة ناجحة أنتجها فريق بحثي من جامعة المنوفية بالتعاون مع جامعات مصرية أخرى، لكنه وبدلًا من أن تكافئه الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الزراعة جرت محاربته ووضع العراقيل في طريقه كما قال.
ويبدو طبيعيًا في ظروف اقتصادية كهذه أن يتنادى كل ضمير حي لاحتضان وتشجيع كل فكرة يمكنها أن تخرج مصر من أزمتها الاقتصادية؛ فمصر كما قال الدكتور محمد فتحي سالم تستورد 62% من غذائها، وتعاني أزمة كبيرة في الذرة الصفراء والفول الصويا، مشددًا على أن سعر الدواجن بـ61 جنيها هو الأعلى في التاريخ، وما ذلك إلا لأننا نعتمد بالأساس على استيراد القمح والأعلاف كما نستورد 97% من زيوت الأكل.
أما عن خطة تعظيم الإنتاجية الزراعية فقد وضع الدكتور محمد فتحي سالم روشتة من خلال طرق جديدة في الزراعة على أساس علمي، من خلال فكر متطور لتحالف من 4 جامعات لتعظيم المنتجات الزراعية، مؤكدا أن مصر تمتلك أرضًا خصبة هي الأعلى والأكثر من بين الدول,,
تحقيق الاكتفاء الذاتي
منوهًا على أن مصر لا تمتلك خريطة سمادية والبرنامج السمادي ثابت وغير مجدٍ، وليس هناك ابتكار للحفاظ على الأراضي الزراعية، وهناك خطط لزيادة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية لكنها غير معممة على الدولة بأكملها، وتم رفع إنتاجية المحاصيل لـ3 أضعاف الإنتاج من خلال فكر زراعي متطور بزراعة حديثة وسماد مختلف، كما أنه تم تقديم مشروعات علمية لوزارة الزراعة، إلا أن الفريق العلمي التابع له يتم محاربته من قبل الوزارة.
الوصول للاكتفاء الذاتى من الغذاء فريضة الوقت؛ وحتى يتحقق ذلك فلابد من وجود استراتيجية زراعية على أرض الواقع، حيث تستورد الدولة بنحو 160 مليار جنيه سلعًا زراعية من القمح والذرة الصفراء وفول الصويا والزيوت النباتية والسكر والفول والعدس والمكونات الأساسية للأعلاف الداجنة والحيوانية.
مصر تستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية لتوفير الغذاء، عن طريق إصلاح التركيب المحصولى، وزراعة ما لا يقل عن 3.5 مليون فدان قمحًا بنظام الزراعة التعاقدية، وأن يرتفع سعر التوريد إلى 1100 جنيه للأردب، ويتم تسديد فرق السعر من المبلغ المخصص سنويًا لاستيراد القمح من روسيا وأوكرانيا ورومانيا وفرنسا وأمريكا، الذى تبلغ قيمته 21 مليار جنيه سنويًا من الموازنة العامة للدولة.
قدم الدكتور محمد فتحي سالم ما يشبه خارطة طريق لنهضة زراعية؛ فهناك ضرورة ملحة لدعم الفلاح المصرى، وليس الفلاح الأجنبى، عن طريق توفير الأسمدة على صورة «NPK»، المغذيات الصغرى والكبرى، وليس الصورة الحالية من اليوريا المحرمة دوليًا، والتى تُعد مصدر تلوث للزراعة والتربة والبيئة، ولا بد من تقليص المساحة المخصصة للبرسيم إلى 2 مليون فدان بدلًا من 3.3 مليون دون خلل فى إجمالى إنتاج المحصول..
وذلك عن طريق رفع إنتاجية الفدان باستخدام نوع متميز من الأسمدة الحيوية الصديقة للبيئة، والتى نجح الرجل وفريقه العلمى فى جامعة المنوفية فى إنتاجها وتم تطبيقها على أرض الواقع خلال السنوات الست الماضية، وحققت طفرة فى إنتاجية الأعلاف الخضراء بشهادة عدة لجان من وزارة الزراعة إبان عهد الدكتور أيمن أبوحديد..
فماذا يمنع الاستماع للدكتور محمد فتحى سالم والأخذ بما يقول إذا كان كلامه علميًا وعن تجربة.. ألسنا أولى بكل دولار ننفقه على استيراد سلع يمكن إنتاجها محليًا.. أتمنى أن يعيد المسئولون عن الزراعة النظر فيما يقوله الدكتور محمد فتحي سالم والرد عليه أو تنفيذ ما يطرحه من أفكار.. وللحديث بقية!