فى عام 2007 تلقيت دعوة لمرافقة الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى في زيارة إلى جمهورية النيجر التي كانت تعد طبقًا لتصنيف الأمم المتحدة ثانى أفقر بلاد العالم، في رحلة كان من المفترض أن تستغرق 24 ساعة..
كانت المرة الأولى التي التقى فيها ذلك المسؤول وجها لوجه، فقد أثرت التحفظ وعدم التطرق إلى أية موضوعات سلبية أو إيجابية تتعلق بالشأن العام، مفضلًا كعادتى إثارة الذكريات والأحاديث الطريفة التي جمعتنا..
منذ شهور قليلة، تحركت الحكومة وأرسلت لمجلس الشيوخ بمشروع تعديل على قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 وشروط البناء الجديدة التى أصدرتها قبل عدة أعوام، بهدف علاج البنود المجحفة التى أوقفت حركة البناء..
لا يستطيع أحد أن ينكر الإنجازات التى حققها الدكتور مصطفي مدبولي وحكومته، غير أن الواقع على الأرض يؤكد أن الأوضاع الاقتصادية المتردية قد حولت الآلاف من الأسر المصرية إلى منكسرين أمام ذل الحاجة..
رغم قناعتى بأن الهجمة التى تمت على وزير التموين ليست بطبيعية، وتحمل رسالة بقرب نهاية حكومة الدكتور مصطفي مدبولي، إلا انها عكست تعبيرا حقيقيا من النواب عن معاناة المصريين مع الغلاء..
المتدبر لتسلسل وحقيقة الأحداث التى وقعت بشأن قانون الأحوال الشخصية خلال الشهور الماضية، سوف يكتشف وبسهولة أن كل ما دار من جدل خاصة فيما يتعلق بفكرة صندوق الزواج، مجرد عبث واجتهدات..
أرى أن مجلس النواب قد صنع خيرا بالحكومة عندما أرجأ بعمد أو غير عمد الموافقة على مشروع قانون صندوق قناة السويس، والذى يقضى وفقا لرؤية الحكومة لإنشاء صندوق جديد لهيئة قناة السويس..
دعونا نتفق أن فوضى الدولار والأسعار التي يعيشها المصريون هذه الأيام لم نشهد لها مثيلا حتى خلال فترات الحروب، وأن الحكومة اكتفت بالانضمام لمقاعد المتفرجين في مواجهة مافيا المضاربة على الدولار..
إما أن الحكومة لديها من المعلومات ما لا نعلمه ويحوى خيرا لهذا البلد، يجعلها تبدو على هذا القدر من المتفائل، أو أنها لم تدرك بعد حجم الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد..
تتحدث تصريحات وزارة المالية عن نجاح الحكومة فى تحويل العجز بالموازنة الذي استمر لسنوات إلى فائض أولى بلغت نسبته للعام الخامس على التوالى 1.3% إلى جانب النزول بمعدل العجز بالموازنة إلى 6.1%.
سأكتفي بالاستشهاد بـ 4 نماذج لسلع أساسية، ومناقشة الصورة التي كانت عليها قبل وبعد قرارات الحكومة بتعويم العملة المحلية والعمل بنظام الاعتمادات المستندية..
لعل ما يدعو للأسف، أن كافة أطراف مافيا الزيوت المستعملة يعملون جميعا فى العلن ودون أدنى رقابة من الدولة، التى تمتلك من الكوادر والامكانيات ما يمكنها من وقف تلك المهزلة..
لاننى لا أتبنى موقف النظام، أو حتى اليسار المصرى، أو أسرة علاء عبد الفتاح، فسأكتفى هنا بعرض المواقف بحيادية، ثم قراءتها بذات الحيادية، وأترك للقاريء العزيز حرية الحكم على مواقف الجميع..
دعونا نتفق أن التظاهر والاحتشاد لن ينتج سوى الخراب، وهو ما رأيناه بأعيوننا خلال أحداث يناير 2011 وما أعقبها من أحداث أعادت البلاد إلى الوراء لعشرات السنين، وهو هدف تطمح دول ومليشيات متطرفة..
للإنصاف يتحتم القول أن تلك الأزمة غير ناتجة عن فساد أو نهب للمال العام كما حدث في عهود ماضية، ولكنها ناتجة عن ظروف عالمية جديدة فرضت توابعها السلبية على العالم كله.