لم يدرك السريقوسي شيئا مما يحدث، وحتى لم يجل في خاطره أن يسأل الحارس عن سر الزج به هو الآخر في ذلك السجن، وربما كان ذلك لأن الرجل كان منشغلا بخوفه، للدرجة التي منعته من الحزن على نفسه..
نظرت الأم لابنتها ولم تنبس ببنت شفة، فهي تعلم أن القلق عندما يغيب الأب أمر واجب، لكن من أين لهما بمشاعر القلق في وطن لا مكان فيه ل مشاعر سوى الخوف؟!
زمان.. في عهد الجد الأكبر للحاكم الحالي، كان أهل مملكتنا هذه يعيشون كباقي البشر في مختلف الممالك البعيدة، فكانوا يفرحون ويغضبون ويقلقون ويشعرون بمختلف المشاعر..
إبتلع الزائر ريقه، رغم عدم وجود شيء يدفعه للخوف، إلا أن مجرد رؤيته لورق حكومي مدون عليه اسمه كان كفيلا ليشعره وكأن جبلا يجلس فوق صدره..
في العام 2190 ميلاية، حيث أعيش أنا، تعد المشاعر عملة نادرة، فالناس هنا لا يمكنهم استخدام أية مشاعر سوى الخوف.. نعم هنا يمكنك أن تخاف كما تشاء..
مصر مركز حضاري وإنساني مفتوح، مبتعترفش بكلمة لاجيء ولا حتى ضيف اللي بيدخلها بتعتبره واحد من أهلها ودي حقيقة، وتاريخيا مصر احتضنت ناس كتيرة زي ما أثرت فيهم هما كمان كانوا جزء من تاريخها..
سارة مثلها مثل كثير من البنات في أيامنا هذه، على قدر معقول من الجمال، حاصلة على شهادة جامعية، وتعمل في وظيفة تضمن لها العيش دون الحاجة لطلب العون من أسرتها، إلا في مرات نادرة..
هنا الحياة.. على جدران الغرف في البيوت الدافئة بأنفاس أهلها، حيث صورة زفاف قديمة معلقة تداري شرخا يشق الطلاء، وصور أخرى لأبناء وأحفاد ترسم خريطة الزمن..
دخل الرجل إلى الغرفة المظلمة، وتبعته دون أن يشعر بي، حيث وجدته يضع ما كان يحتضنه من كتل اللحم والأعضاء الطازجة على الترولي المثبت في الأرض وتعلوه وحدة إضاءة تركز نورها على تلك البقعة..
تزوج كارم سبع نساء حتى أذن الله لواحدة من زوجاته أن تصبح حبلى، وفي يوم الولادة أخذها إلى المستشفى العام، كي يشرف على توليدها كبير الأطباء، غير أن ذلك اليوم لم يكن ككل الأيام..
كان يحكي ولمعة مذهلة لا تغادر عينيه، حتى أنني انشغلت عن القهوة المسكوبة، والتي جفت على الطاولة، بينما أمسك جدي بإبرة وراح ينقش حول البقعة نقوشا لم تتضح معالمها في البداية..
دخل رجل لا يؤمن بأي شي إلى إحدى الحانات، وطلب كأس نبيذ، لعله يحصل على بعض الدفء، غير أنا صاحب الحانة، وكان رجلا طاعنا في السن، أخبره بأنه لا يبيع النبيذ، وأن كل ما عنده حكايات فقط..
الرجل الثري كان من محبي الصيد، وفي إحدى رحلاته انطلق بعيدا عن مرافقيه فضل الطريق في الغابة، عندما هجم عليه قطيع من الأسود، وكاد يهلك لولا أن ظهر فجأة حمار..
دخل جاري بيته، وغاب، فاقتربت بفضولي لأتفقد ذلك الشيء الذي تركه أمام الباب، وبعدما تأكدت من عدم وجود الرجل خلف العين السحرية، فتحت علبة متوسطة الحجم، فوجدت ثلاث قطع من الكعك..
التعامل مع الحكومة في مسألة التصالح واضح وصريح جدا جدا، فكل ما عليك هو تسديد الغرامة، بينما النفس في مسألة التصالح مع الذات، لا تقبل كاش ولا تقسيط ولا بتاخد فيزا، إذ أن راسها وألف جزمة أن تنغص عليك عيشتك..