رئيس التحرير
عصام كامل

طبيبة الفيديو المسيء!

لا حديث للسوشيال ميديا إلا عن فيديو طبيبة النساء بمستشفي  كفر الدوار الذي انتشر على الفيسبوك تحكي فيه عن انتشار حالات الحمل من علاقات خارج نطاق الزواج.. الموضوع خطير بالطبع ليس فقط لأن الطبية إياها انتهكت خصوصيات المريضات وكشفت أسرارهن وأغلبهن صغيرات في السن ولم يبرحن بعد مرحلة الطفولة.. 

ولا لأنها دقت ناقوس خطر بحسبان أن ما تعلمه من تلك الحالات يرقى في رأيها لمرتبة الظاهرة، بل لأنها فوق هذا وذاك وقعت في خطأ التعميم وانتهجت أسلوبًا يخدش الحياء العام، ويعرى المجتمع لدرجة قد تهتز معها قيم أخلاقية حميدة، خصوصا لدى أجيال جديدة يعلم الله وحده أين ذهبت أخلاقهم.


لا أحد ينكر أن مجتمعنا يعاني تدهورًا في الأخلاق إذا ما قارناه بمجتمع زمان الذي كان يتناهى عن المنكر ويتواصى بالحق والصبر والمعروف ومكارم الأخلاق، لكن المجاهرة بالسوء سوء يشجع على تفشى السوءات. وكان الستر هنا أولى وأوجب، لاسيما أن الطب هو مهنة الحكمة والستر وحفظ الأسرار وعلاج الأوجاع وليس مضاعفة الجراح وكشف العورات!


البعض تحفظ على أسلوب طبية النساء ورآه مسيئًا متجاوزًا للحدود ولهم في ذلك حجتهم ومنطقهم، لكن سيظل السؤال: هل الطبيبة وحدها التي أخطأت، وهل علاج حالة كحالة طبيبة النساء يتم بالهجوم عليها إعلاميًّا، ومن ثم التشهير بها أو حتى بالقبض عليها، تمهيدًا لإنزال أقسى العقوبات بها أم كان الأولى بنا أن تتسع صدورنا لما يحصل من أحداث كهذه حتى ولو جرحت الشعور العام، وأن ندرب أنفسنا على نقاش أفضل لمثل هذه القضايا في المجال العام.. 

لعل وعسى تتحسن قدرتنا على النقاش والتفكير وتحليل الأمور بهدوء بما يساعدنا على الوصول لأرضيات اجتماعية مشتركة، تجعلنا نرى بوضوح ما يجب أن يكون عليه بلدنا، وأن نضع أيدينا على مواطن القصور الحقيقية وكيفية علاجها، كما يحدث في المجتمعات الحية التي تعرف كيف تتعلم من أخطائها.


واقعة طبيبة النساء أحدثت حالة من الجدل الاجتماعي وانتفضت الجهات المعنية لمحاسبتها لكن ذلك على أهميته لم يوقف جدل السوشيال ميديا التي أدان بعضها ما فعلته الطبيبة، كما أدان طريقة الهجوم الإعلامي عليها وارتد الهجوم على مذيع بعينه نال حظه من التعليقات اللاذعة من جمهور التواصل الاجتماعي ونالت الطبيبة بعض التعاطف..

وهو ما يلفت نظرنا أن المعالجة الإعلامية لم تكن بالصورة المطلوبة بل جاءت بنتيجة عكسية ربما تخلق تعاطفًا أكبر مع طبيبة أخطأت بلا شك في الفعل كما أخطأ البعض في رد الفعل تجاهها.

 


نعم لقد أخطأت الطبيبة حين لم تقم بدورها في توعية الفتيات اللاتي قصدنها في عيادتها وهن أطفال ينبغي حمايتهن، وليس إفشاء أسرارهن حتى ولو كانت جرائم يندى لها الجبين.. أرجو أن نتعلم من أخطائنا وأن نضاعف جرعات التوعية والتحلي بالموضوعية في النقاش العام! الموضوع الآن أمام النيابة فلنحترم قرارها أيا كان.. وكفى هبد وهري.

الجريدة الرسمية