العقيدة الصحيحة لأهل السنة
الحكمة الإلهية من خلق الجن والإنس عبادة الله تعالى حيث يقول عز وجل "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"، والعبادات ليست في حد ذاتها هي بغاية وإنما هي المدخل الأساسي والذي لابد منه الموصل للغاية، وهي معرفة الله سبحانه وتعالى ومحبته.. وإلى ذلك أشار حبر الأمة سيدنا عبد الله بن العباس رضي الله عنهما حيث قال في معنى قوله تعالى “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”، قال: أي إلا ليعرفون..
ومعرفة الله سبحانه أسمى ما في الوجود وأجل الغايات وهي منية العارفين ومطلب عباد الله المحبين الصادقين فهي الباب الموصل إلى محبته عز وجل، وهي التي تقيم في حضرة الوصل به سبحانه وقربه ومعايشة أنسه..
هذا ولا يحظى بالمعرفة والقرب إلا أهل العقائد الصحيحة السليمة الخالية من التصوير والتشبيه والتوهم والتخيل والحيزيات والكيف والتجسيم.. فالله تعالى ليس له وصف ولا كيف ولا يشار إليه سبحانه بأين فهو تبارك في علاه فوق كل فوق وفوقيته سبحانه ليست متعلقة بأين..
وهي فوقية إحاطة وقيمومية وهيمنة.. وهو سبحانه وتعالى مهيمن ومحيط بتحتية التحتية، وهو الذي لا يشار إليه عز وجل لا بفوق ولا بتحت، فهو الذي يحيط ولا يحاط ويبصر ولا يبصر ويرى ولا يرى، ويدرك ولا يدرك ويعلم ولا يعلم ويقدر ولا يقدر عليه ولا معرفة لذاته، وإنما المشاهد آياته الكونية الدالة على وجود وعظمته وعظيم إبداعه وطلاقة قدرته وتفرده وهيمنته تعالى وإحاطته سبحانه للكون بكل ما فيه من عوالم وخلق وكائنات.
وهو جل جلاله الذي لا تحيط به العقول ولا تدركه الأبصار، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وهو تبارك في علاه الذي لا ند له، ولا ضد له، ولا شبيه له، ولا مثيل له، ولا شبيه له، ولا شريك معه في ملكه، تقدست أسماءه سبحانه، وتنزهت صفاته سبحانه، وتعالت ذاته عن المعرفة والكيف والإحاطة والإدراك، قدسيته ذاتية، وكماله ذاتي، وجلاله ذاتي..
وهو تعالى القائم بذاته والغني بذاته والمستغني بذاته جل في علاه عن جميع عباده وخلقه، وإن له سبحانه من العظمة والتعظيم والقدسية والقداسة والجلال والإجلال ما لا ولن يعرف، إذ أنه لا يعرف الله إلا الله وصدق تعالى إذ قال "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ".
وهو النافع الضار والذي لا تنفعه طاعة المطيعين ولا تضره معصية العاصين، قدر الأقدار بعلمه القديم الذي أحاط بكل شيء، وأعقب الليل بالنهار سبحانه، وجعل لكل شيئ قدرا ومقدار، أوجد الوجود من العدم بقدرته ورفع السموات بغير عمد بقدرته سبحانه، أمره تعالى بين الكاف والنون إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون..
وهو الفعال لما يريد ولا يعجزه شيء، قضى بعلمه في عباده وخلقه وفصل فيهم فقال: "فريق في الجنة وفريق في السعير"، وهو تعالى الذي لا يغب عن علمه شيء بل علمه سبحانه سابق وقبل أي شيء ولا يغب عن بصره سبحانه كائن ما كان في كونه فهو تعالى البصير، ولا يغب عن سمعه سبحانه صوت من بين جميع أصوات الكائنات والخلق سبحانه. رحمته تبارك في علاه وسعت كل شيء، سبحانه، سبحانه، سبحانه، تبارك في علاه.