الترجمة الحقيقية للإيمان
الإيمان هو الاعتقاد في وجود الله تعالى ووحدانيته، وأن له تعالى التنزيه المطلق اللائق به سبحانه وأن ليس له سبحانه شبيه ولا ضد ولا ند ولا شريك، وأنه عز وجل تقدست أسماؤه وتنزهت صفاته وتعالت ذاته سبحانه عن الكيف والمعرفة والإحتطة والإدراك، وأنه تبارك في علاه ليس كمثله شيء..
ثم الإيمان بالملائكة عليهم السلام والكتب والرسالات السماوية التي أنزلها الله تعالى، والإيمان بالسادة الأنبياء والرسل عليهم السلام، وعلى رأسهم سيد الأنام عليه وعلى آله الصلاة والسلام، ثم الإيمان باليوم الآخر يوم الفصل والحساب، ثم الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره، خيره وشره حلوه ومره..
والإيمان كما عرفه سيدنا رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام هو: "ما وقر في القلب وصدقه العمل"، أي ما إستقر وسكن في القلب وصدقه العمل بما أوجبه الله تعالى وفرضه سبحانه، وهو إعتقاد بالقلب وتصديق باللسان وإمتثال بالجوارح..
ومفهوم الإيمان غير قاصر على الاعتقاد وحسن الظن والإقرار، بل له ترجمة عملية تتمثل في طاعة الله عز وجل ورسول، وإقامة أحكامه والالتزام بحدوده وإتباع هدي الرسول القويم، وإقامة سنته الرشيدة، وأساس الإيمان الحب والإتباع.. وفي الحديث عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال "لن تؤمنوا حتى تحابوا، ولن تحابوا حتى تودوا ولا توادوا حتى تهادوا. ولن تهادوا حتى تزاوروا.. ألا أدلكم عن شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم " صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم..
هذا ويتجلى صدق العبد في إيمانه إذا وفي ثلاث، عند النعمة يقابلها بالشكر، والشكر معناه أن يضع العبد النعمة حيث أمر الله تعالى وفيما يحب سبحانه، وألا يعصي الله عز وجل بها، هذه واحدة، والثانية: الصبر عند الإبتلاء والرضا بالقضاء والصبر المستحب هو الخالي من الغضاضة في النفس ومن الضجر والشكوى وهو ما يسمى بالصبر الجميل المشار إليه بقوله جل جلاله “ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ”..
والثالثة: عند القضاء والقدر إن يستقبله المؤمن بالرضا والتسليم.. ومن رضي له الرضى من الله تعالى، ومن سخط فعليه سخطه..
هذا والمؤمن يعلم أن كل ما يصيبه من إبتلاء وقضاء هو له لا عليه، فما من مؤمن يشاك بشوكة إلا أسقطت عنه سيئة ورزق بها حسنة ورفع بها درجة، فكل قضاء وإبتلاء يصيب المؤمن له لا عليه والله سبحانه يقول "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا"..
وفي الحديث الشريف يقول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم: "عجبت لأمر المؤمن وما ذلك إلا للمؤمن فأمره كله خير، إن اصابته نعمة شكر فكان خير له. يقول تعالى "لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ"، وإن أصابته مصيبة صبر فكان خير له، يقول تبارك في علاه "وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ"، ويقول سبحانه "وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"، ويقول جل ثناءه "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ"، هذه الثلاث يتجلى من خلالها صدق العبد في إيمانه.