السبيل إلى ولاية الله تعالى
سألني أحد المريدين عن السبيل إلى محبة الله تعالى ونيل ولايته؟ فأجبته قائلا: كن لله تعالى عبدا محبا صادقا، طالبا له بصدق وإخلاص وعليك بصدق وإخلاص النية فهي الأصل في الأعمال، وأقم أركان دينك وعليك بطاعة الله عز وجل وذكره واتبع سنة نبيك صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ولا تخالف هديه وإلتزم بحدود الله ولا تفتر عن ذكره تعالى..
وعليك بمجاهدة النفس ومخالفة هواها وإسقاط الأنا موطن الكبر والتجبر والغرور ومحل الشهوات حتى يفتح الله تعالى لك أبواب الهداية إلى السبيل إليه، حيث يقول سبحانه "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا"، وعليك بحفظ جوارحك من المعصية. واستحِ من الله واخشه بالغيب، واصبر على البلاء واعلم أن باطنه عطاء، وارض بالقضاء فمن رضي له الرضا ومن سخط فعليه سخطه..
واشكر الله على النعمة حتى يفتح لك باب المزيد منها، "لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ"، وعش في الدنيا كعابر سبيل ولا تجعل لها موضعا ولا تعلقا في قلبك، وأزهد فيما سوى الله تعالى، وعليك بتقوى الله فهي مفتاح باب الوصول والسبب في خير الدنيا والآخرة “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ”..
وعليك بالأدب ثم الأدب، ثم الأدب حتى أنه قيل "حب وأدب وصول إلى الله تعالى بلا تعب"، وكن مصدر نفع وخير وبركة أينما كنت، خذ بيد الضال، وأنصح العاصي، وذكر الغافل، وأطعم الجائع وأكس العاري، وعد المريض، واسأل عن الغائب، وأصلح بين الناس، وأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وواسي المصاب..
وأدخل السرور على القلوب واعلم أنها من أحب العبادات إلى الله تعالى، واعطف على الأرملة واليتيم والفقير والمسكين، واجبر بالخاطر ما دام ذلك في طاعة الله تعالى، وانطق بالكلم الطيب وتذكر أن الكلمة الطيبة صدقة، "قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ"، وأبعث الأمل في النفوس اليائسة ولا تيأس من روح الله ورحمته مهما بلغت معاصيك..
واستر العاصي، وتمنَّ الخير وافعله مع كل من تعرف ومن لا تعرف، وعليك بإماطة الأذى ليس عن الطريق فقط بل إماطة الأذى بكل وجوهه وعن نفسك أولا ولا تؤذى بالنظرة، ولا باللسان، ولا بالأكف، ولا تتبع عورات الناس وتذكر أن من تتبع عورات الناس فضحه الله ولو في عقر داره..
ولا تسيئ الظن بأحد وإن كان أهلا للإساءة، وادع للعاصي واعلم أن العاصي مريض والمريض أحوج ما يكون للعلاج وليس للتوبيخ والعقاب، وادفع بالتي هي أحسن فلا تقابل الشر بالشر ولا القطع بالقطع ولا الظلم بالظلم ولا الإساءة بالإساءة ولا المنع بالمنع، وخذ بقول الله تعالى "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ"..
هذا مع عدم رؤية النفس في الأعمال، وأنسب طاعتك وصلاحك لربك تعالى ومولاك، وعلى الله تعالى توكل وبه استعن وهو تعالى خير معين.