لإجهاض أحلام الإخوان.. الرئيس التونسي يستعد لإصدار قانون انتخابي جديد
يستعدّ الرئيس قيس سعيّد لإصدار مرسوم حول القانون الانتخابي الجديد، وطريقة انتخاب الغرفتين التشريعيتين؛ البرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وشروط الترشّح للانتخابات التشريعية.
والقانون الانتخابي الجديد المرتقب في تونس بمعايير مغايرة تسد ثغرات ونواقص كان الإخوان يستغلونها لتشكيل مشهد برلماني على قياس أجندتهم.
وتنتظر الساحة السياسية في تونس إصدار القانون الذي ستجري على أساسه الانتخابات البرلمانية المقبلة في 17 ديسمبر المقبل.
مرسوم جديد
ومن المتوقع أن يضع القانون الجديد شروطا مختلفة عن سابقه من أجل أن يفرز الاقتراع المنتظر مشهدًا خاليًا من العيوب الناجمة عن إخلالات بالتطبيق أو استغلال لبعض الثغرات.
وبخصوص الانتخابات البرلمانية المقبلة، من المنتظر أن ينص القانون الانتخابي الجديد على عدم التصويت على القوائم، مثلما كان معمولا به في السابق، وسيتم تعويض ذلك بالتنصيص على أن الاقتراع سيكون على الأفراد وفي دورتين، وفق متابعين للمشهد السياسي التونسي.
"اللوبينج"
ومن بين هذه الشروط منع مشاركة الأحزاب والأفراد الذين تلقوا دعمًا خارجيًا، سواء ماليًا أو سياسيًا، عبر ما يعرف بـ"اللوبينج" أي إبرام عقود دعاية مع وكالات ضغط أجنبية، وهو ما يحظره القانون التونسي.
حسن التميمي، الناشط السياسي التونسي، يرى أن الرئيس قيس سعيد سيحدد شروطا للترشح للانتخابات البرلمانية، أبرزها أن يكون المترشح من سكان الدائرة الانتخابية، وليس له أي سوابق جنائية أو تعلقت به جرائم انتخابية سابقة في اقتراعات 2011-2014-2019، أو قضايا مرفوعة ضده.
تطهير المشهد
ويقول التميمي: إن ما سبق يختزل محاولة من الرئيس التونسي لـ"تطهير المشهد السياسي سعيا نحو برلمان مغاير" يقطع مع سابقه الذي كان يهيمن عليه الإخوان.
وأضاف أن "البرلمان الجديد سيكون خاليا من النواب الفاسدين والإرهابيين والملاحقين قضائيا، ما يعني أن الإخوان سيجدون أنفسهم خارج المنافسة بالانتخابات القادمة".
وأكد أن القانون الانتخابي الجديد سينظم الحياة السياسية، ويساهم في بناء "تونس جديدة" تستند إلى مبدأ سيادة القانون، ويقطع مع الصورة السيئة التي اكتسبها البرلمان (في عهد الإخوان) من خلال الصراعات والمحاصصات الحزبية والرشاوى لتمرير القوانين.
ووفق الخبير، فإن زعيم حركة "النهضة" راشد الغنوشي متخوف من إمكانية إقصاء الأحزاب الإخوانية من المشاركة في الانتخابات خاصة بعد تتالي القضايا المرفوعة ضده.
وسبق أن قال الغنوشي، في مقابلة تليفزيونية سابقة، أن مشاركة حزبه (النهضة) في الانتخابات التشريعية المقبلة من عدمها مرهون بنص القانون الانتخابي الجديد، مشيرا إلى إمكانية حل الحركة.
وسبق أن أوضح المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية، محسن الدالي، أن عددا من النواب بالبرلمان المنحل تعلقت بهم قضايا تبييض أموال وتضارب مصالح وخيانة الأمانة وقضايا إرهابية وعنف مادي ومعنوي.
كما اعترف الغنوشي، في تصريحات إعلامية سابقة أيضا، أن عدد الشكاوى التي تلقتها المحكمة الإبتدائية بتونس فاق الــ30 ملفا حتى الآن، من بينهم شكاوى ضد 4 نواب متهمين في قضايا شيكات دون رصيد.
فيما تشير تقارير إعلامية إلى أن أحد نواب البرلمان السابق يواجه لوحده اتهامات في 24 قضية، بينما يواجه آخران اتهامات بالإرهاب.
تسريع
عضو "حراك 25 يوليو"، عبد الرزاق الخلولي، أكد ضرورة التسريع في إصدار القانون الانتخابي الجديد، داعيا، في تصريح صحفي، إلى إعداد قانون أساسي لمجلس الأقاليم والجهات ومجلس النواب، حسب المعايير الدولية.
كما حث على أن يأخذ القانون الجديد بعين الاعتبار طبيعة الشعب التونسي وإجراء انتخابات متزامنة بين الانتخابات التشريعية لمجلس النواب ومجلس الجهات.
وأوضح أن القانون الانتخابي سيشمل ثلاثة جوانب سيتم تغييرها، وهي قانون الأحزاب وقانون الجمعيات وطريقة الاقتراع، معتبرا أن التغييرات تفرضها التجاوزات التي حصلت في انتخابات 2014 و2019.
وسبق أن قال الرئيس التونسي، في كلمة له عقب التصويت على مشروع الدستور الجديد، أن أول قرار بعد الاستفتاء سيكون وضع قانون انتخابي سيغير شكل الانتخابات القديمة.
المجلس المحلي
من المنتظر أن ينص القانون الانتخابي الجديد على شروط الترشح لانتخابات "المجلس الوطني للجهات والأقاليم"، والذي يعتبر الغرفة الثانية للبرلمان، في سابقة بتونس التي كانت مؤسستها التشريعية تقتصر على غرفة واحدة وهي مجلس النواب.
ومن المتوقع أن يقع انتخاب المرشحين على مستوى دائرة انتخابية صغيرة، والتي تسمى "المعتمدية" (تقسيم إداري داخل المحافظة).
وبعد ذلك، ستتشكل مجالس محلية منتخبة في كل "معتمدية" تكون منطلقا لتشكيل مجالس محلية (على مستوى المحافظات)، عبر قرعة لاختيار ممثل عن كل مجلس محلي لتمثيله في المجلس الجهوي.
وباعتبار أن تونس مقسمة إلى 24 محافظة، فسيتم تشكيل 24 مجلسًا جهويًا، ومنها ستُجرى قرعة أخرى لاختيار 3 ممثلين أو 4 لتمثيل مجلس الجهة أو المحافظة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.