رئيس التحرير
عصام كامل

الشُّعب الإيمانية

منذ قُرابة النصف قرن كنت في مجلس شيخي وأستاذي سيدي الشيخ أحمد يوسف البيه رضوان الله عليه، فسألته عن الحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "الإيمان بضعُ وستون شُعبة، وفي رواية بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شُعبة من شعب الإيمان".. 

فقال: كلمة شُعب كلمة جامعة لكلمة شُعبة، والشُّعب الإيمانية هي مجموعة خصال أو أجزاء للإيمان يجب أن يتحلى بها العبد المؤمن ويتخلق فيها، يكتمل إيمانه ويرتقى في المدارج الإيمانية حتى يصل إلى حق اليقين، أي إلى الإيمان اليقينى الكامل الذي لا يُدانيه شك.. 

والشُّعب الإيمانية عبارة عن خلق يكمن فيها المكارم والفضائل والمحاسن والقيم الإنسانية النبيلة. وهي مُجمل ما أوجبه الله تعالى في كتابه الكريم ورسوله في هديه القويم الطيب المبارك، وهو ما أشار إليه النبي الكريم بقوله: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.. 

هذا ولقد أشار الرسول إلى رأس الشعب الإيمانية وأعلاها وأجلها وأسماها وهي كلمة الإخلاص والتوحيد وهي كلمة: لا إله إلا الله، وهي ما تشير إلى إثبات وتأكيد وحدانية الله عز وجل ونفي الألوهية عن غيره سبحانه وتعالى، والإقرار بأن لا إله غيره سبحانه ولا رب سواه، وأنه جل جلاله لا ضد ولا ند ولا شبيه له سبحانه، ولا شريك معه.. 

وأنه تعالى رب العالمين الخالق لهم والقائم على أمرهم سبحانه والمُدبر لشئونهم والمُتصرف في ملكه بما يشاء كيفما يشاء في الكون بعوالمه، وأن له تبارك في عٌلاه الأسماء الحسنى والصفات العٌليا، أسماؤه سبحانه قدسية، وصفاته عٌلوية مٌنزة عن كل نقص.. 

هذا وكلمة التوحيد تأتي على أثر الاعتقاد بالقلب في وجود الله عز وجل ووحدانية وتفرده بالخلق والأمر، "أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ"، فعلى أثر الإعتقاد يأتي الإقرار والنطق بكلمة التوحيد والشهادة، إذ إن تعريف الإيمان هو اعتقاد بالقلب وتصديق باللسان وامتثال بالجوارح.. 

وهو ما وقر في القلب، أي سكن واستقر في القلب وصدقه العمل.. هذا ولما كانت كلمة التوحيد هي الأصل في الشُّعب الإيمانية والأساس لها والفارق بين الإيمان والكفر وأساسها كانت أعظم وأشرف كلمة وأفضل الكلام، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله”.. 

وكلمة التوحيد هي مصدر الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة فبها ينجو العبد من النار ويُقام في الجنة والفضل والعطاء لقوله صلى الله عليه وسلم: “من قال لا إله إلا الله دخل الجنة”.

عزيزي القارئ نستكمل الحديث عن الشُّعب الإيمانية في مقالات تالية بمشيئة الله تعالى.

الجريدة الرسمية