الطبيبة والعار!
لم أكن معنيًا في بداية الصراخ العام على صفحات التفسخ الاجتماعي بما بثته طبيبة أمراض النساء والتوليد، نعت فيه ما تراه وما تعانيه من أحداث تتعلق بالأعراض والأنساب في مستشفى حكومي بكفر الدوار، محافظة دمنهور فأثار غضبها وألفاظها المنفلتة..
ولم يكن عدم اكتراثي راجعا إلى انسحاب من الاهتمام بما يتداوله أعالي الناس وأسافلهم في جرائدهم الإلكترونية المجانية، بل لأن الكذب أوسع مجالًا من الصدق على هذه الصفحات المنتشرة بالملايين. أدان بعض الاعلاميين ما قالته الطبيبة في فيديو، عن أطفال السفاح وزنا المحارم وبنات دون السن يحملن ويأتين مع أمهات للإجهاض، وتزوير في أوراق، واستئجار آباء على ورقة عرفية لتسجيل طفل الزنا زورا!
كل هذا بطبيعة الحال نرفضه ونمقته، وندينه ونشجبه بأكثر مما يفعل مجلس الأمن! لكن الرفض والشجب لا ينفيان أبدًا وقوع الكارثة، وحدوث المآسى، ومن ثم فإن الدعوات التى حرضت ضد الطبيبة، جانبها الصواب..
وصحيح أن نقابة الأطباء تحركت سريعًا والطبيبة قيد التحقيق إداريًّا، وهو مطلوب لبيان الحقيقة، وتكييف الاتهام من عدمه، لكن مع التريث، ومع عزل أصوات إعلامية تنعي موت الفضيلة وتشق الهدوم على الصدور، فإن الطبيبة لا فضحت ولا شهرت ولا سبت ولا قذفت أحدًا بعينه.
الفضح والتشهير يكون بالوصف والاسم والعنوان والصورة المحددة لمواطن بعينه. الطبيبة كانت تنعي ما جرى للناس، وكان نعيها للأسف بألفاظ سوقية، وهذا أكبر المآخذ عليها، وهي وصفت ما رأته بالتفصيل لثلاث حالات في يوم واحد، هي لم تندفع في ظنى للبث والإعلام عبر موبايلها، الإ إذا كانت الحالات متكررة، وهالها الإهمال الجسيم من جانب الأسرة..
هي لم تذكر أسماء البنات والسيدات، ولا عناوينهن، ولا صورهن. هي اندفعت بحماقة لسانية في التنديد بما حل بنا.. والحق أن ما حل بنا كثير ومخيف ومرعب، ومسكوت عنه. هي استنكرت، وسواء كان باعثها الأساسي ما يسمى بالترند، الاسم البديل للشهرة حاليًّا، أو كان باعثها الهلع على المجتمع، فإن ما وصفته ونعته واستنكرته واقع واقع.
هل كان يليق بها أن تخفف من لهجتها وهبوط ألفاظها؟ أكانت رسالتها تصل بهدوء للناس؟ هل كانت المفردات المقرفة التي استعملتها مهمة وفعالة في إحداث التحذير الاجتماعي المطلوب؟ هي نعت على عائلات البنات المنفلتات أنهن لم يربين بناتهن فجئناهن بالفضائح والعار..
وأنا كنت أتمنى لو أن جدتها التى علمتها الأمثال المقرفة التي استخدمتها الطبيبة، كانت علمتها الذوق والكياسة.. هل الطبيبة أخطأت؟
الرسالة صحيحة والكلمات بذيئة.. تلك هي الخلاصة!