رئيس التحرير
عصام كامل

انقلاب في الخطاب!

 المشهد العسكرى في غزة، وفى لبنان، محزن ومخيب للآمال.. ويمكن القول بسرعة ودون مواربة أو تحسين الصورة أو الغش باختيار لفظ نكسة بدلا من هزيمة، أن اسرائيل النازية حققت سلسلة انتصارات على المقاومة، بفضل الدعم المعلوماتي الغربي، أمريكا وأوروبا، وبفضل الدعم العسكرى الغربي، أمريكا وأوروبا.


تلقت حماس ضربة قاتلة تقريبا بقتل يحيى السنوار، ومن قبله إسماعيل هنية، ومن قبلهما كل قيادات حزب الله الشيعي الموالي لإيران.. مع الهزيمة تقريبا للتنظيمين، بدأ الاعلام في الوصف والوصم والتصنيف!


يوم السابع من أكتوبر عام 2023، صفقت المنطقة، والشارع العربي، للهجوم علي مستوطنات غلاف غزة، ووصف الإعلام انتصار حماس وقتها بعبور السابع من أكتوبر، ومع الرد الاسرائيلي الوحشي حصل تعاطف دولي واسع النطاق وإحياء القضية الفلسطينية التى كانت في المقبرة لسنوات بسبب انشغال الدول الوطنية في كوارث ترتبت على مؤامرة الربيع العبرى.


وهكذا عاد الخطاب الدولي يتكلم عن حل الدولتين، وبدأت مفاوضات للوساطة، تدخلت فيها الدولة المصرية والدولة القطرية، مع الولايات المتحدة، للوصول الي صفقة تبادل يعقبها السعي لاقامة دولة فلسطينية.


كل هذا انهار وسقط، بسبب هتلر إسرائيل وبسبب النفاق الأمريكي، وبسبب الفترة الرخوة في المسار الانتخابي الامريكي، فترة سيولة، يستغلها نتنياهو منذ ستة أشهر، يعلم جيدا أن بايدن لا حول له، وأن ترامب رفيقه ينتظره وشيكا على باب البيت الأبيض.
 

هزمت إسرائيل حماس وأضعفتها لعشر سنوات قادمة، لكنها لن تستطيع القضاء عليها، بسبب الدموية المحفورة في وجدان مئات الألاف من الصبية والشبان والأطفال الفلسطينيين.. ويقاتل حزب الله حاليا بدون رؤوس خبيرة، ويطلق مسيرات، وأخرها مسيرة ضربت بيت القاتل النازي، وكان خاويا منه ومن أسرته..


هذه هي الصورة تقريبا، فكيف تناولها الإعلام الذي صفق لبداية المشهد، ثم انقسم في آخر المشهد..
قبل يومين وصمت قناة MBC العراق هنية والسنوار وحسن نصر الله وفؤاد شكر والعارورى وعماد مغنية والضيف وكل قيادات حماس والجهاد وحزب الله بالارهابيين، وبعدها بيوم وصفت قناة MBC مصر في برنامج الحكاية السنوار بأنه بنهايته البطولية ذهب خالدا في التاريخ، مهما كان رأيك فيه..


ثم يدخل الأزهر على الخط ويعتبر المقاومة عملا شرعيا وجوبيا، طالما الأرض محتلة، ويستنكر وصفهم بالارهاب، وأمس تدخل قناة صدى البلد، ويستعيد المذيع تاريخ حماس الأسود في قتل ضباطنا وجنودنا أيام يناير الأسود، ويشخط ويزجر ويستغرب: إنتو اتعميتوا؟! في وصلة زعيق كريهة الصدى.. يشتم من؟


يحدث هذا كله بينما قنوات الدولة الرسمية مفتوحة التواصل مع حماس في قطر وفي القاهرة، تتباحث وتتوسط، وتسعى لرفع الظلم التاريخي عن أهلنا في غزة والضفة ولبنان التى تدفع ثمن الموالاة لإيران!


مبدئيا، لا يمكن قبول قوة مسلحة موازية لقوة الدولة الوطنية، فما بالك إذا كان رأس تلك القوة المسلحة يتخذ قرارات حرب وسلام يفرضها علي الدولة الوطنية، بل وتمنع إختيار رئيس شرعي للبلد؟


مبدئيا، حين هاجمت حماس بلادنا واخترقت الحدود، وأحرقت وقتلت وصمتها بالارهابية، ومع الوقت اتخذت الدولة مسار التصالح معها لمصالح عليا نقدرها، لكن بقي في قلب الشعب المصرى وذاكرته مرارات الخيانة والتجرؤ علي حدود الوطن.


مبدئيا، إسرائيل هى عدونا وستبقى كذلك، لأنها من إختار القتل والدم والعدوان وأحلام التوسع واستباحة الحدود، ولأن عدو عدوي صديقي صفق الناس للمقاومة وتناسوا عمدا أنها تنظيمات إخوانية وإيرانية، واعتبرنا ما يجري حقا مشروعا لتحرير الأرض وإقامة الدولة المستقلة.. هذه هي أبعاد الصورة كاملة بقدر ما استطعت.

 


السابع من أكتوبر 2023 انتصار فلسطيني فاجأ العالم، الثامن من أكتوبر 2023 دخل حزب الله لدعم حماس والجهاد، ثم يجيئ أكتوبر2024 لتنقلب الموازين، من إسرائيل، ومن جانب الإعلام المرتبك!

الجريدة الرسمية