رئيس التحرير
عصام كامل

جنون السيرك السياسي الأمريكي!

 انتهت الانتخابات الرئاسية الأمريكية بفوز رجل كان من المستحيل أن يفوز، رجل مدان في جنايات تزوير وتهديد وابتزاز وتحرش، أربعة وثلاثين قضية، خاض حروبا مع المدعي العام ومع القضاة ومع الإعلام ومع النخبة المتعالية في واشنطن بوصفه الشعبوي الجامح.. 

وتعرض لإطلاق نار، مرت الرصاصة بحواف أذنه ولم يرتعد، وأفلت من الموت.. إنه رجل شديد الصلابة، لذلك اختار الناس رجلا قويا صلبا مهما حدث تعويضا عن شبح أعجف سكن البيت الأبيض لأربع سنوات، ثم حل في جسد نائبته كامالا هاريس فقضى على فرصتها في النجاح.


لم تستطع كمالا هاريس أن تدفن شبح المخرف المتداعي بايدن فلا يراه الناخبون، فهو بحق نقطة ضعفها القاتلة في انتخابات تهيأت لها في أربعة أشهر، بعد تردد طويل من شبح البيت الأبيض في ترك الحكم والتنازل مبكرا، بما يسمح بإجراء انتخابات تمهيدية داخل الحزب الديمقراطي كالعادة.


حسنا، لقد عاد دونالد ترامب إلى حكم العالم مرة ثانية، هزم امرأتين في دورتي الانتخابات، هيلاري كلينتون، ثم كامالا هاريس، فهل عاد لينتقم من كل الذين جرجروه الي ساحات المحاكم وشهروا به؟
التشهير ليس مشكلة لترامب؛ فهو يخلق مواقف تستدعى الحضور الإعلامي الكثيف، هو شخصية طعامها اليومي الحضور، والتأثير، والهجوم علي الخصوم، ومدح الأصدقاء. 

مشاعره ليست مسيسة، بل تطفح كما يحس، هو يقول ما يريده. وما يدركه، فإن أحب افاض في التقدير والود، وإن كره فهى حربه العالمية الخاصة. أما عن الأحكام الصادرة بحقه، فإن كانت فيدرالية فسيمارس حقه الدستوري في العفو عن نفسه، والأحكام الخاصة بولايتي جورجيا ونيويورك، يكون العفو من سلطة حاكم الولاية، وحاكم جورجيا جمهوري، فسيعفو، أما نيويورك فموضع شك!


ويعيب العالم، والأمريكيون بوجه خاص علي جو بايدن اعتلال صحته، وأنه طاعن في السن، حتى باتت خطواته القصيرة المتحسسة، نسخة من خطوات طفل، أو روبوت! والحق أن دونالد ترامب نفسه يعاني اعتلالا، ربما ليس بدنيا، فهو يرقص، ويتحرك بحيوية، وإنما إعتلال نفسي، فهو مندفع، جامح، وفي الفترة الأولي لولايته 2016-2020 تعرضت شخصيته لتحليلات نفسية متواصلة.


فاز إذن ترامب، وبفوزه تعيد أوروبا فرز أوراقها وحساباتها، وتعيد الصين حساباتها، وتعيد إيران حساباتها، ومن باب أولى تعيد منطقتنا مراجعة ما كان منه وما سيكون، وبخاصة دول الخليج يعتبرها محفظته المالية.. 

 

ويمكن تصنيف السعداء والتعساء على جانبين: أسعد شخص كريه هو النازي مجرم الحرب نتنياهو، الذي مد أمد الحرب طويلا، وحرم بايدن أو كامالا من أي فوز سياسي يقدمه للناخبين، طمعا في وصول ترامب للحكم، وهو ما تحقق، ويتعامل نتنياهو علي أنه قدم خدمة سياسية عظيمة لترامب ولشخصه.


أتعس شخص على الكوكب حاليا هو البقال المتجول زيلنسكي رئيس أوكرانيا، والوصف ليس لي بل لترامب، الذي يراه أشطر بقال جمع مليارات المليارات من الخزينة الأمريكية باصطناع المسكنة!
أوروبا أيضا ليست سعيدة، وسوف تتعرض للابتزاز من جانبه، فهو تاجر سياسي، يقايض مظلة الحماية بمليارات الدولارات، كما فعل في ولايته قبل أربع سنوات، هنا وهناك في أوروبا. إدفع لأحميك.
 

 

المال هو عصب تفكير دونالد ترامب، والاقتصاد لعبته، ولأن الناخب الأمريكي لا يكترث إلا بكم يشتري له الدولار، فإن ترامب هو الورقة الرابحة.. اسم علي مسمى حقا. ترامب يعني الورقة الرابحة! في كل الأحوال، سنرى إن كان سينهي حروب غزة ولبنان وأوكرانيا، أم سيدخل مع الصين، وإيران على خط المواجهة.

الجريدة الرسمية