مطلوب فورا.. وزير إعلام لا استعلامات!
المؤتمر الصحفي الأسبوعي الذي يحرص رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي على عقده بانتظام، أمر طيب ومحمود، وهو يذكرنا بما كان يفعله بانتظام ثلاثة رؤساء حكومات في عهود الرئيس السادات ومبارك رحمهما الله..
إذ كان الدكتور محمود فوزي حريصا على توضيح ما تصنعه اجتماعات الحكومة، ومن بعده فعلها الدكتور مصطفى خليل، ثم دكتور فؤاد محيي الدين الذي توفي في مكتبه لثقل الحمل الوطني عليه، رحمهم الله جميعا!
ما يفعله الآن رئيس الحكومة هو دور وزير الإعلام، وهو بحكم الدستور منصب لا وجود له رغم أهميته القصوى، ولعلنا نسترجع لفترة قريبة وحتى الآن أن رئيس الدولة يشرح ويوضح وبالأرقام، ويجري الحوار مع الوزراء ليحثهم على بيان الجهد والإنفاق والعقبات والتمويل وغيرها لكي يقتنع الشعب وليعرف أوجه الإنفاق وعوائده، ولماذا سلم الأولويات عند الحكومة مختلف عنه لدى الشعب.
ولا شك أن العبء ثقيل على رئيس الحكومة، اجتماعات ولقاءات، وسفر، وجوالات ميدانية، وصحيح أن كل جوانب المشهد تحت ناظريه، لكن من العقل إسناد الأمر الخطير لأهله، لنجري تعديلا لإدخال المنصب واختيار وزير سياسي دارس وفاهم وظيفة الإعلام..
أما ترميم الموقف بوزير دولة للإعلام فتجربة فشلت مع أسامة هيكل، الذي واجه صراعا مع منصب الأعلى للإعلام، لتداخل الصلاحيات، وكلاهما على حق. بغض النظر عن مدى ملاءمة الاثنين للوظيفة ومقتضياتها.
نطالب إذن بالتخفيف عن رئيس الحكومة لأنه بصراحة يحتاج للتفرغ، ولأن وزير إعلام دارسا وفاهما ومجربا هو احتياج دولة بحجم مصر والتحديات اليومية التي تواجهها داخليا وخارجيا.
هذا دور وزير لا وجود له، وحتى منصب رئيس الأعلى للإعلام لم يكن ذا فعالية للتوضيح والشرح، إما لقصور في صلاحياته الدستورية أو لإعاقته عن أداء مقتضيات دوره في كشف الحقائق وسد الذرائع ومنع بعض الإباحيات من دخول بيوتنا ضيفات على الشاشة!
الحاجة إذن تقتضي تعديلا يسمح بعودة المنصب الحيوي ليشغله وزير إعلام بكامل الصلاحيات، يختار الألفاظ المناسبة، لأن الناس باتت ترفض مفردات يستخدمها الدكتور مدبولي مع كل الاحترام لشخصه ومكانته، مثل الصب، والتعويم وحزمة تعديلات..
والحق أقول إن هناك توجسا شعبيا من مثل هذه التعبيرات التى مؤكد يرددها رئيس الحكومة بحسن النية المطلقة.. مثلا مثلا، خرج الدكتور مدبولي وقال للناس في المؤتمر الصحفي أمس إن الحكومة تدرس إقرار حزمة اجتماعية جديدة، وعلى الفور تحسس الشعب جيوبه الخاوية، وظن كثيرون أن موجة تعويم جديدة قادمة.. مع أن جوهر التصريح ربما وغالبا زيادات جديدة تعين الناس على المعايش..
وحسنا أن الحكومة تدرك حاليا وبقوة أن كل الشعب المصري صار لديه صحيفته الخاصة، جريدته، يسخر ويمزح ويغضب ويقدح، وبمجرد سماع كلمة حزمة حتى انهالت التعليقات الساخرة!
وزير إعلام بكامل الصلاحيات هو واجهة الدولة المعبر عن سياساتها، وهو في الحياة المدنية بمثابة رئيس أركان الحكومة.. رحم الله الذي رحلوا، كانوا يفهمون!