الأهلي نموذجًا.. ولكن!
فاز الأهلي على العين الإماراتي في كأس الكونتننتال.. واستحق بجدارة الفوز والتتويج في بطولات عديدة محلية وقارية ودولية وأعطى درسًا بليغًا للقائمين على المنظومة الرياضية، أن النجاح نتيجة مستحقة لمن يخطط ويجتهد ويتعب ويصر على تحقيق أهدافه، بأساليب علمية وموضوعية لا أن نترك المسألة للحظ والعشوائية ثم نتمنى على الله الأماني.
فوز الأهلى خلق أجواء من البهجة والفرحة لكل الجماهير المنصفة لا المتعصبة، وذلك أيضًا درسٌ لكل إعلامي بأن يتحرى المهنية والتجويد في عمله والدقة والحياد والموضوعية، وأن يكف عن الإنحياز الذي يقود إلى تعصب أعمى يغذي العنف والكراهية بين الجماهير، التى تعرف الجيد من الرديء وتحترم من يعلى قيمة المهنية ولا يركز على العيوب والخلافات الشخصية.
من منا ينسى مثلًا رواد النقد الرياضي في الزمن الجميل الذين كسبوا حب واحترام الجمهور؛ فهذا ناصف سليم وذاك نجيب المستكاوي أحدهما زملكاوي والآخر أهلاوي وقد رحلا عن عالمنا قبل عقود، لكن ذاكرة الجمهور لا تزال تذكرهما بالخير والسيرة الحسنة والتمكن والاحترافية والرؤية الموضوعية..
ومن ثم فقد ظلا نموذجًا للشرف والنزاهة والاحترام، وعاشا في وجدان الأجيال حتى اليوم وسجل التاريخ سيرتهما بأحرف من نور، وفي هذا أيضًا درسٌ بليغٌ لكل صاحب قلم أو كلمة عبر أثير الإذاعة أو الفضاء التليفزيوني أو الإلكتروني أن الإخلاص والتجرد وإنكار الذات والشفافية والنزاهة ليست فقط معايير النجاح بل معايير الخلود.
والسؤال: هل يوجد إعلام رياضي محايد.. أم أن بعض المذيعين لايزال يلف ويدور ليظهر نفسه محايدا ثم فجأة يتبارى ليدافع عن النادي الذي يشجعه بخبث يظنه سوف ينطلى على الجمهور.. ثمة وجوه مكررة تنطق صراحة بالتعصب لا لشيء إلا لأنهم لم يخلعوا عباءة أنديتهم منذ كانوا لاعبين في صفوفها أو مشجعين متعصبين لها..
وثانيا لأنهم دخلوا الإعلام الرياضي دون تأهيل علمي أو أكاديمي مناسب يحميهم من الشطط والسطحية والتعصب.. والنتيجة ما نرى من تردٍ للمنظومة الرياضية وخصوصا كرة القدم.. فمتى نرى إعلاميًّا رياضيًّا كفؤًا ومحايدًا ونافعًا ومقبولًا من الجماهير وليس محل مزايدة وتشكيك وإثارة فارغة!
كفانا تحيزًا وتعصبًا وانظروا لما يحدث حولنا من تجارب نجاح تخطف التقدير والإعجاب.. انظروا كيف نجح محمد صلاح ابن نجريج محافظة الغربية، وكيف تألق عمر مرموش، وفعلا ما لم يكونا يستطيعان فعله لو ظلا في مكانهما بمصر..
انظروا كم الإنجازات في مختلف اللعبات والرياضات وما يقابلها من إخفاقات ستجدون أننا نستحق ما هو أفضل وأكرم، ليت وزارة الرياضة تصدر تقارير جامعة ترصد كم أنجزنا وكم أخفقنا في السنوات الأخيرة سواء مع المنتخبات المصرية في مختلف المراحل السنية أو الألعاب الفردية..
هل ثمة منظومة قادرة على خلق النجاح واستدامته تسمح بتخريج أبطال وتحقيق كؤوس وميداليات فهل نمتلك مثل تلك المنظومة؟ والإجابة لا يوجد أي من هذا ولا ذاك..
وأتفق مع قول القائل: إنه لولا وجود لاعب كرة قدم اسمه محمد صلاح وأخيرًا عمر مرموش واللذين يحملان الجنسية المصرية، ويصولان ويجولان في ملاعب أوروبا ويحطمان أرقامًا قياسية لنسي العالم أن مصر بها منظومة رياضية أصلًا، رغم ما تبذله الدولة من جهد لتوفير كل سبل الدعم المادية والمعنوية واللوجستية لتلك المنظومة..
ولكن يبدو أن هناك أشخاصًا لا يصلحون لإدارة تلك المنظومة ويجب عليهم أن يفسحوا المجال لغيرهم ممن يستطيعون أن يعودوا بالرياضة المصرية لمكانها الطبيعي.