في ضرورة مراجعة صندوق النقد!
ماذا ستفعل حكومة مدبولي مع دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ضرورة مراجعة موقف برنامج الإصلاح الاقتصادى مع صندوق النقد الدولي، بقوله: البرنامج الحالي يأتي في ظل ظروف شديدة الصعوبة لها تأثيرات سلبية على اقتصاد العالم كله، ولابد من وضع ذلك في اعتبار المؤسسات الدولية.
الرئيس السيسى كان صريحًا جدًا حين قال "إذا كانت التحديات ستجعلنا نضغط بشكل لا يتحمله الناس مع صندوق النقد الدولي، فينبغي مراجعة الموقف وتخفيف الأعباء على المصريين"!
والسؤال: متى تترجم حكومة مدبولي تصريحات الرئيس إلى واقع يرحم ظروف الناس.. ألا تعلم تلك الحكومة خطورة التداعيات السلبية لسياسات صندوق النقد الدولى على الدول خصوصًا الفقيرة.. وألا ترى حجم معاناة المواطن المصري غنيًا كان أم فقيرًا مع موجات الغلاء؟!
إن القروض التي يقدمها الصندوق فوق أنها إحدى وسائل انتهاك سيادة الدول التي تقترض منه، لأنها ديون مثقلة بشروط قاسية وأداةً للهيمنة ووسيلةً خفية لوضع اليد على السياسات الاقتصادية والخارجية للبلدان النامية.. ناهيك عن إجراءات التقشف وتحريك الأسعار والتخفف من الدعم الذي يمثل طوق نجاة للفقراء وكثير من الطبقة الوسطى، التي باتت تتآكل بصورة رهيبة بفعل سياسات هذا الصندوق المشئوم!
تاريخيًا.. رفضت مصر بعض مطالب صندوق النقد، فعلها فاروق العقدة، محافظ البنك المركزي السابق، آنذاك، حين رفض مطالب الصندوق بالاطلاع على كامل سياسات البنك المركزي والتدخل في تحديد وإدارة الاحتياطي النقدي، كما اعترض العقدة على بند من ضمن بنود الاتفاق يخص تخفيض قيمة الجنيه، فكان رد العقدة حاسما: «آسف هذا الموضوع مش على الترابيزة وهذا خط أحمر»!
فهل لدى حكومة مدبولي خطوط حمراء في تعاملها مع صندوق النقد.. ألا تستشعر كما استشعر الرئيس معاناة المواطن مع الغلاء والتضخم وخفض قيمة الجنيه وما تسبب فيه من إضعاف القوى الشرائية للغلابة وزيادة أعباء الديون على الدولة..أين الإنتاج وأين التصدير.. ومتى تتوقف دوامة رفع الأسعار التي لا تنخفض عندنا حتى لو انخفضت في الدنيا كلها؟!
أليس هناك ترمومتر تقيس به الحكومة رضا المواطن على قراراتها.. وحتى لو تحمل المواطن تلك الفاتورة القاسية إلى نهاية الشوط وفعلت الحكومة ما يمليه عليها الصندوق.. فهل تتوقف المعاناة وهل تنصلح الاختلالات الهيكلية المزمنة في الاقتصاد التي لا يسأل عنها المواطن الذي دائمًا ما يشيد الرئيس بتحمله لكل الظروف الصعبة ووقوفه مع الدولة في الشدائد والمحن؟!
المصريون لا يزالون في انتظار رؤية اقتصادية سليمة لأوضاعهم، مبنية على حقائق الحياة وليس على الأرقام المطبوخة التي لا علاقة لها بالحقائق.
إننا لا نزال في حاجة لتعزيز قدرتنا على فهم أسباب قصورنا، ووضع روشتة ناجحة لأمراضنا تساعدنا في الخروج من دوامة إعادة إنتاج الفشل الذي نعاني بسببه من الدوار منذ عقود طويلة.. فهل تلتقط الحكومة إشارات الرئيس لإنقاذ الموقف قبل فوات الأوان؟!