بعد السنوار!
اغتيال السنوار في غزة يتضمن معاني ودلالات كثيرة تستحق التوقف أمامها مليا، مثل أن الاغتيال تم مصادفة وبالتالي لا يعد إنجازا مخابراتيا أو عسكريا إسرائيليا، ومثل سقوط السنوار فوق سطح الأرض وليس تحتها ولم يوجد معه محتجز إسرائيلي واحد كما روج الإسرائيليون من قبل، ومثل أيضا أن السنوار اغتيل وهو يحمل سلاحه وبصحبته اثنان من رفاقه، وهو ما يشي أنه كان يقوم بنفسه نقل التعليمات والأوامر لمقاتلي حماس..
ومثل كذلك الترحيب الأمريكي والغربي باغتيال السنوار والانتشاء الإسرائيلي بذلك، والذي قابله قصف مستوطنات غلاف غزة من قبل حركة حماس بعد اغتيال قائدها، وهو ما يشير إلى أن الحركة تعلن عزمها الاستمرار في مواجهة جيش الاحتلال.
ومع ذلك لعل الأهم الآن استطلاع ماذا ستحمله الأيام المقبلة بالنسبة لغزة ومستقبلها، وللحرب الدائرة في القطاع ولبنان بعد اغتيال السنوار الذي يعد ضربة لحركة حماس أقوى من ضربة اغتيال هنية لأنه الذي كان يقود العمل المسلح داخل القطاع، بل يتولى الإشراف على إدارة القطاع كله..
ويمكن إجمال ذلك في عدد من الأسئلة:
أولا، هل تضعف حركة حماس بعد فقدان قيادتها السنوار أم يزيدها ذلك قوة وتتصلب في مواقفها أكثر؟
ثانيا، هل إغتيال السنوار يفضى إلى وقف الحرب كما رأى بعض القادة الغربيون، الذين رحبوا بهذا الاغتيال أم يحدث العكس، وهو ما أفصح عنه نتنياهو بنفسه الذي قال إن الحرب مستمرة في غزة؟
ثالثا، هل ستقوم حركة حماس بتعيين رئيس جديد له خلفا للسنوار أم تحاكي حزب الله الذي تمهل في ذلك؟ وهل يمكن أن يتوافق الآن قادة حماس على شخصية جديدة بعد أن أثر اغتيال السنوار سلبا على نفوذ قادة الداخل بالقياس لنفوذ قادة الخارج الذي أثر عليهم سلبا اغتيال إسماعيل هنية؟
رابعا، وهل صار متاحا الآن استئناف مفاوضات الهدنة في غزة أم سوف يستمر نتنياهو فى إجهاضها كما فعل من قبل؟ وهل تشدد حماس مواقفها بخصوص هذه المفاوضات أم يحدث العكس؟
خامسا، ما هو مصير جثمان السنوار، وهل تساوم إسرائيل حماس عليه مقابل تسليمها جثث المحتجزين الذين ماتوا أو قتلوا في غزة، وربما محتجزين أحياء فيها، خاصة وأنها ترى أن في يدها الآن صيدا ثمينا جدا هو كما تراه المخطط لعملية السابع من أكتوبر؟
سادسا، ما هو تأثير اغتيال السنوار على الرد الإسرائيلى المنتظر على إيران؟ هل تؤجله إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية كما يرغب بايدن أم تعجل به بسبب الشعور بالانتشاء الذى غرق فيه الإسرائيليون بِعد ذلك الاغتيال رغم أنه تم مصادفة؟
سابعا، وما هو تأثير إغتيال السنوار في غزة على الحرب الاسرائيلية ضد لبنان؟ هل يزيد إصرار الاسرائيليين على إنجاز الغزو البرى واقتطاع منطقة عازلة في الأراضى اللبنانية، ولذلك استدعت لواء جديدا في جبهة الشمال أم تفتر همتهم بعض الشيء بعد ما يعتبرونه انتصارا كبيرا باغتيال زعيم حماس؟
ثامنا، وهل سيكون لاغتيال يحيى السنوار بعد اغتيال إسماعيل هنية تأثيرا ما على مشاورات جرت مؤخرا بالقاهرة بين حركتي فتح وحماس لتوحيد الصف الفلسطيني، وتحديدا تحقيق توافق على طريقة وكيفية إدارة قطاع غزة بعد أن تنتهي الحرب وأسلوب إدارة معبر رفح أم لن يكون هناك تأثيرا مثلما حدث بعد اغتيال هنية؟
تاسعا، كيف سيتم التنسيق بين الفصائل الفلسطينية المسلحة داخل قطاع غزة تحديدا بعد السنوار الذي كان يحوز ثقة قادة هذه الفصائل، وله كلمة مسموعة لديهم ظهر بوضوح في الصفقة الوحيدة للإفراج عن محتجزين وأسرى في بداية الحرب، ثم تجلى بعد ذلك بتسليم هذه المنظمات لحماس خوض مفاوضات الهدنة، وإن كانت القاهرة حريصة على إشراك حركة الجهاد في مشاورات الهدنة أيضا؟
عاشرا، ماذا ينتظر المحتجزون الإسرائيليون في غزة بعد اغتيال السنوار؟ هل يقوم البعض الذين يسيطرون عليهم بقتلهم كنوع من الانتقام التلقائى والعشوائى أم سيظل الإدراك بأن هؤلاء المحتجزين هم سلاح مهم ما زال في حوزة حركة حماس لا يجب أن تفقده بعدما تعرضت له من ضربات.. مع عدم استبعاد احتمال قتل بعضهم إذا تصاعد الهجوم الإسرائيلي خاصة في جنوب قطاع غزة وبنبرات إسرائيلية؟
على كل حال إن الأيام القريبة وليست البعيدة سوف تجيب لنا على كل هذه الأسئلة، خاصة وأن الغزاة والمحتلين القتلة يجاهرون بما يرتبونه ليس في غزة ولبنان فقط وإنما في كل إقليم الشرق الأوسط.