رئيس التحرير
عصام كامل

محمد سعد ضد محمد سعد!

كنت ومازلت من أوائل من تحمس ودعم الفنان محمد سعد في بدايته، وحتى بعدما وصل إلى النجومية والشهرة، ونصحته بأن يبتعد عن تكرار الشخصيات في أفلامه، ونبهته إلى أنه فقط بين نجوم الكوميديا يمتلك مقومات جسدية ولياقية وفتنيس يمكنه صنع نوع جديد من الضحك على غرار نجم هوليوود الشهير جيم كاري، وكتبت مقالًا أطلقت عليه فيه جيم كاري مصر والعرب وذلك منذ مايقرب من 20 عامًا تقريبا!

 

وفي الحقيقة لا يختلف اثنان على الموهبة الكبيرة والقدرات التمثيلية العالية التي يتمتع بها الفنان محمد سعد، والتي لا تقتصر على مجال الكوميديا فقط بل والتراجيديا أيضًا، وهو ماجعله أحد أهم نجوم جيل المضحكين الجدد في السينما بزعامة عراب هذا الجيل محمد هنيدي، منذ مطلع الألفية الجديدة.. 

 

بل وتصدر شباك الإيرادات لسنوات متتالية عبر مجموعة من الأفلام السينمائية مثل اللمبي، اللي بالي بالك، عوكل، بوحة، وذلك قبل أن يبدأ منحنى نجوميته في الهبوط والتراجع تدريجيًا على المستويين الفني والجماهيري، بسبب إصراره الشديد على تكرار شخصيات أفلامه خاصةً اللمبي، التي لم يخرج من عباءتها حتى الآن! من خلال مجموعة من الأعمال المتوسطة والضعيفة التي لم تجن سوى الفشل الذريع فنيًا ونقديًا وجماهيريًا. 

بلغت ذروته بأفلام مثل تك تك بوم، تتح، حياتي مبهدلة، تحت الترابيزة، محمد حسين، ولاقى نفس المصير عندما تحول إلى الأعمال التليفزيونية مثل شمس الأنصاري، فيفا أطاطا، إكسلانس.

 

عباءة اللمبي

المتابع جيدًا لمشوار محمد سعد منذ بداياته وأنا واحد من هؤلاء، يجده مبشرًا بمستقبل فني واعد مع إطلالاته الأولى بأدوار صغيرة ومتوسطة في أعمال تليفزيونية منها.. مازال النيل يجري، من الذي لا يحب فاطمة، فوازير العيال اتجننت، ومسرحية رد قرضي، قصة الحي الغربي..

 

حتى كان على موعد من الحظ والشهرة عندما اخترع له المنتج مجدي الهواري الذي كان من أوائل من استشرفوا نجوميته وآمنوا بموهبته، مع المخرج الكبير شريف عرفة والمؤلف أحمد عبد الله شخصية اللمبي، التي لم تكن موجودة بالأساس ضمن أحداث فيلم الناظر بطولة الراحل علاء ولي الدين.. 

 

فلفت الأنظار فيها بقوة ما شجع الهواري على الدفع به في فيلم 55 إسعاف بطولة مشتركة مع الصاعد أيضًا وقتها أحمد حلمي أمام زوجته آنذاك غادة عادل، على وعد بسلسلة أفلام أخرى مشتركة مع حلمي أيضًا! ولكن القدر كان له رأي آخر في الذي سيكون سببًا بعد الله في سعد سعد وانطلاقه نحو البطولات المطلقة والنجومية والشهرة.. 

 

حيث قرر المنتجان محمد وأحمد السبكي المغامرة بتصعيد محمد سعد بطلًا مطلقًا لأول مرة بشخصية اللمبي التي ظهر بها في الناظر تأليف كاتب ومخترع هذه الشخصية أحمد عبد الله، شاركه  البطولة عبلة كامل وحلا شيحة وحسن حسني وأخرجه وائل إحسان عام 2002..  

 

ليحصد الفيلم ثاني أعلى إيرادات في تاريخ السينما وقتها بعد صعيدي في الجامعة الأمريكية لمحمد هنيدي بتحقيقه 21 مليون و300 ألف جنيه أي ما يوازي أقل بقليل من 5 ملايين دولار بسعر الدولار وقتها! 

 

وهو ما يجعله الأعلى في الإيرادات عبر التاريخ بعد ولاد رزق 2! وإستمر مشوار النجاح والتألق بعد ذلك بأفضل أفلام محمد سعد اللي بالي بالك، لنفس المخرج وحقق 18 مليونًا، ف عوكل مع نور وإخراج الراحل محمد النجار وجنى 19 ونصف مليون جنيه، ف بوحة مع مي عز الدين وإخراج رامي إمام وحصد أعلى إيراد لأفلام سعد 26 مليون  و400 ألف جنيه عام 2005..

 

ثم بدأ مسلسل التراجع والهبوط في الأفلام التالية لعدم التجديد وتكرار محمد سعد لنفس الشخصيات التي نجحت من قبل واختراع شخصيات غريبة وليس لها ملامح فجاءت أفلامه أقل بكثير من سابقتها فنيًا وجماهيريًا مثل.. كتكوت، كركر، بوشكاش، اللمبي 8 جيجا، تك تك بوم، تتح، حياتي مبهدلة، تحت الترابيزة، محمد حسين وهو أخر بطولاته المطلقة عام 2019.. 

قبل أن يحاول المخرج شريف عرفة إخراجه من عباءة اللمبي والشخصيات المكررة بدور بعيد تمامًا عن الكوميديا والبطولة المطلقة  بشر الكتاتني في فيلمي الكنز 1، 2 ليؤكد مرة أخرى قدراته كممثل لكل الأدوار وليس الكوميدية منها فقط.

هل يعيد الدشاش البريق ؟

خلاصة تحليل أسباب التراجع الكبير في مشوار الفنان محمد سعد، أنه قد أصابه الغرور الذي عادة ما يصيب أي فنان أو إنسان يحقق نجاحًا ضخمًا وغير متوقع، والنجاح يدير الرؤوس ويلعب بها ويجعلها لا تستمع إلا لصوتها فقط دون الاهتمام بآراء المخلصين الفاهمين.. حتى أنه يظن أن الجمهور سيقبل على أي شيء يقدمه حتى لو كان تافهًا ورديئًا! 

 

وهو ما أجابني به سعد تقريبا عندما سألته لماذا تكرر شخصيات أفلامك؟ فقال الجمهور يعشق هذه الشخصيات وعايز كده! ومن معرفتي عن قرب ل محمد سعد فهو لا يثق إلا في سعد فقط ! للدرجة التي تدفعه إلى التدخل في كل شيء خاص بالعمل وأدق تفاصيله كبيرها وصغيرها حتى لو لم يكن فاهمًا أو ملمًا بذلك !
من السيناريو إلى المخرج وعمله والتصوير والمونتاج والنجوم المشاركين حتى الأدوار الثانوية إلخ، وبالطبع لا يوجد ممثل يستطيع القيام بهذه المهام في نفس الوقت!

 


باختصار سعد ضد سعد! ولكن أتمنى أن يعود محمد سعد إلى رشده في أقرب وقت ممكن ويلحق بأخر عربة في قطار العودة للنجاح من جديد خاصةً وأنه يستعد لتصوير فيلمه الجديد الدشاش الذي كما علمت يهجر فيه شخصيات أفلامه المكررة ويشاركه مجموعة من النجوم.. زينة وباسم سمرة ونسرين طافش ونسرين آمين، تأليف جوزيف فوزي وإخراج سامح عبد العزيز.

الجريدة الرسمية