الفن وسنينه
أحمد حلمي.. انتبه السيارة ترجع إلى الخلف!
لا شك أو جدال في أن الفنان أحمد حلمي يمتلك موهبة كبيرة في مجال الكوميديا ويتمتع بشعبية واسعة لدى كل الأجيال على اختلاف طبقاتها ومستوياتها الاجتماعية والمادية، وأنه واحد من أهم نجوم الكوميديا في السنوات الـ20 الأخيرة، بما حققه من نجاحات عديدة في السينما طوال هذه السنوات، عكست مدى ذكائه وحسن اختياره لأعماله مستلهما ومستشرفا ذوق وبوصلة جمهوره..
وذلك عبر مجموعة من الأفلام المتميزة التي حصدت النجاحين الفني والجماهيري شباك التذاكر بدايةً من أولى بطولاته المطلقة ميدو مشاكل عام 2003 مع المطربة شيرين عبد الوهاب، وإخراج الراحل محمد النجار وإنتاج مجدي الهواري، الذي كان أول من آمن بموهبته وتحمس له منذ أن دفع به مع علاء ولي الدين في فيلمي عبود على الحدود والناظر، ثم كبطولة مشتركة مع محمد سعد بفيلم 55 إسعاف باكورة إخراج الهواري.
وتوالت بعد ذلك أفلام أحمد حلمي بشكل تصاعدي من الناحية الفنية والإيرادات أيضًا.. زكي شان، ظرف طارق، مطب صناعي وثلاثتهم مع المخرج المتميز في اللون الكوميدي وائل إحسان، واستمر مسلسل النجاح في جعلوني مجرمًا للمخرج عمرو عرفة، وازداد التألق بفيلم كده رضا إخراج أحمد نادر جلال..
وبلغ أحسن حالاته كممثل بعيدًا عن الكوميديا في فيلم آسف على الإزعاج للمخرج خالد مرعي، ف 1000 مبروك لأحمد نادر جلال، ثم يأتي أفضل وأهم أفلامه عسل إسود لخالد مرعي، وبعده فيلمه الرائع كذلك إكس لارج للمخرج الكبير شريف عرفة عام 2011.
تشبع وتراجع
في رأيي أن أحمد حلمي لم يقترب من مستوى أفلامه السابقة أو يقدم فيلمًا جيدًا فنيًا بعد عسل إسود، أي منذ ما يقرب من 13 عامًا كاملة! لأنه كما أعتقد وصل إلى مرحلة التشبع بالنجاحات والإشادات والماديات! وهي مرحلة طبيعية يمر بها كل نجم، ولكن الشاطر فقط هو من يتجاوزها سريعًا وهو ما لم يحدث حتى الآن مع حلمي.
فجاءت أفلامه التالية عبارة عن تجارب سينمائية متسرعة وغير مدروسة، فلم تحصد أغلبها النجاح الفني ولا الإيرادات المرتفعة..على جثتي، صنع في مصر، لف ودوران، خيال مآتة، وأخرها واحد تاني العام قبل الماضي.
أزمة النونو
وعبثًا حاول أحمد حلمي تعويض تراجعه سينمائيًا بالاتجاه إلى خشبة المسرح التي ابتعد عنها لأكثر من 20 عامًا منذ مسرحيته الوحيدة حكيم عيون بطولة الراحل علاء ولي الدين، فقدم عرضين من إنتاج هيئة الترفيه السعودية، التيت، وميمو، عرضا بالمملكة أولًا ثم بمصر ولم يحققا النجاح المنتظر..
فقرر التركيز في السينما مرة أخرى وكان لديه مشروع سينمائي يعد له من عام كامل، للمخرج أحمد علاء الذي اعتذر في اللحظات الأخيرة لارتباطه بفيلم فرقة الموت للنجم أحمد عز!
ومع إعلان هيئة الترفيه السعودية عن تأسيس صندوق The Big Time لإنتاج مجموعة من الأفلام ذات الميزانيات الكبيرة ومنها 4 أفلام دفعة واحدة لحلمي، منها فيلم مع زوجته النجمة منى زكي وآخر مع النجم كريم عبد العزيز.
وثالث بعنوان النونو الذي تدور أحداثه حول نصاب مصري ينتقل إلى السعودية ليقوم بعدة أعمال نصب في موسم الرياض، وعلى المعتمرين والحجاج! كان من المقرر البدء في تصويره قبل نهاية هذا العام، ظن حلمي أن هذه الأفلام ستعيده إلى مكانته التي اهتزت كثيرا في السينما وأن طاقة القدر قد فتحت له، ولكن هيهات تأتي الريح بما لا تشتهي السفن..
حيث طالته حملة شرسة من رواد السوشيال ميديا رافضة ومستنكرة لفيلم النونو الذي في رأيهم يسيء إلى الشعب المصري وللفن والفنانين جميعًا، ومطالبة بمقاطعة كل أعمال أحمد حلمي، ونجحت هذه الحملة في النهاية في دفع هيئة الترفيه إلى الإعلان عن تأجيل أو قل إلغاء هذه الفيلم الأزمة! وأتصور أنها أيضًا جمدت باقي مشاريع أفلام حلمي لأن التيار والمزاج العام المصري مشحون ضده بشدة.
القشة الأخيرة
واستشعارًا بالحرج من التواجد في قناة إعلامية سعودية في الوقت الراهن، اعتذر الفنان أحمد حلمي عن المشاركة في لجنة تحكيم الموسم الثامن من برنامج اكتشاف المواهب في الوطن العربي Arabs Got Talent إنتاج قنوات Mbc الذي سيعود قريبا بعد غياب 3 سنوات، وكان حلمي قد شارك فيه منذ عام 2013، وأتصور أن هذا الاعتذار أشبه بالاستبعاد غير المعلن حتى تنتهي أثار أزمة فيلم النونو تمامًا!
وتم الإعلان عن الاستعانة بالإعلامي المثير للجدل المقيم بأبوظبي باسم يوسف كبديل له في لجنة تحكيم البرنامج الشهير، المكونة من النجمة اللبنانية نجوى كرم، ومدير مجموعة Mbc علي جابر والمطربة العراقية رحمة رياض.
وأعتقد أن هذا الاعتذارالذي برره حلمي بانشغاله في عدة أعمال فنية لا يعلم عنها أحد سواه! أو الاستبعاد ما هو إلا قشة أو ضربة جديدة في مشوار هذا الفنان، الذي صارت نجوميته على المحك في الوقت الحالي، فالسيارة ترجع إلى الخلف ومن ثم عليه أن يحاول إعادة ترتيب أوراقه من جديد بأي وسيلة حتى يستعيد بوصلة جمهوره ومحبيه ولا نخسره كفنان كوميدي مبدع لطالما أمتعنا وأتصور أن هذا ممكن جدًا والزمن والوقت كفيل بذلك.