رئيس التحرير
عصام كامل

نداء القلوب

يقودني إلى الحياة

يا ربّي، أنت الذي وعدتنا أن تقودنا على الدوام، فتأخذ بأيدينا في وسط الأودية المظلمة، وتنير طريقنا حينما تختفي النجوم خلف غيوم القلق والاضطراب. أنت يا إلهي، الراعي الصالح الذي لا يترك خرافه تائهة في البرية، بل يمشي معها، يحملها على كتفيه حينما تعجز عن الاستمرار.

 

في تلك اللحظات التي يحيط فيها الجفاف بروحي، عندما تجف ينابيع الأمل في داخلي، أشعر وكأن قلبي يعاني من العطش الذي لا يُطفأ، حينها أتذكرك يا رب. أتذكر وعدك، فأجد نفسي تستعيد حيويتها وتنبض بالحياة من جديد، فأنت يا إلهي من يشبع نفسي في الجفاف، ويملأني بفيض بركاتك.

 

كم من مرة وقفتُ في صحراء حياتي، أبحث عن نقطة ماء تروي ظمأي، ولم أجد سوى عطش يملأ صدري؟ كم من مرة شعرت أن خطواتي تتثاقل في سيرها، وعظامي تئن تحت وطأة الأحمال الثقيلة؟ لكنك يا رب، تأتي في الوقت الذي يبدو فيه كل شيء يائسًا، فتجعلني كجنة ريّا، كأرض خصبة تفيض بالحياة، تمتلئ بالخضرة التي تشهد لقوتك وجمالك.

 

أنت لست إلهًا بعيدًا عن حاجاتنا، بل أنت الراعي الذي يعرف كل خرافه، ويعرف ما تحتاجه في كل وقت. حينما تظن نفسي أنها قد بلغت نهايتها، حينما أشعر أنني أصبحت كعظام جافة لا حياة فيها، تأتي يا ربّ، وتلمسني بيديك المباركتين. تشبع جوع قلبي، تروي عطش روحي، تجعلني أنبت من جديد، وكأنني شجرة مزروعة على ضفاف نهرٍ دائم الجريان.

 

أنت وعدت يا رب، أن تجعلني كنبع ماء لا ينقطع مياهه. وكيف يمكن لمياه الحياة أن تنقطع وهي من ينبوعك أنت، يا إله الحياة؟ مياهك يا رب تفيض باستمرار، تملأ كل جانب من جوانب حياتي. وفي كل مرة أشعر فيها بالجفاف، أعود إليك يا منبع الحياة، أعود لأغترف من ماء روحك، فأجد نفسي قد امتلأت من جديد، قوتي قد تجددت، وقلبي ينبض بروحك القدوس.

 

يا رب، علمني كيف أعيش في فيض بركاتك. علمني أن أكون دائمًا قريبًا منك، أسير في ظلك، وأحتمي بجناحيك. اجعلني يا رب كالأرض التي تفيض بالخضرة، وكالينبوع الذي يروي كل من يأتي إليه، اجعل حياتي شهادة حية لحبك ورحمتك التي لا تنضب.

 

أنت يا رب لا تتركنا في الجفاف، لا تتركنا نعاني وحدنا. بل تأتينا في لحظات اليأس، تنير لنا طريقًا في الظلام، تروي عطشنا بماء الحياة الأبدية، وتجدد فينا الحياة من جديد. لا تجعلني يا رب ألتفت إلى العالم ليروي عطشي، بل اجعلني دائمًا ألتفت إليك، إلى منبع الفيض الذي لا ينقطع.

 

 

يا إلهي، كم من مرة حاولت أن أبحث عن الارتواء في أماكن أخرى، ونسيت أنك أنت الوحيد القادر على أن تشبع نفسي. يا من وعدتنا أن تشبعنا في الجدوب، أن تروي عطشنا، وتعيد لنا الحياة من جديد. أتي إليك يا رب، وأرفع قلبي إليك، طالبًا منك أن تفيض بروحك عليّ، أن تملأني من جديد، أن تجعلني أعيش دائمًا في فيض حبك ورحمتك.
للمتابعة على قناة التليجرام: @paulawagih

الجريدة الرسمية