رئيس التحرير
عصام كامل

نداء القلوب

قلبي بيديك

يا إلهي، يا من تنادي بأعماق حنانك وتطلب منّا ما هو أثمن من كل شيء، ترفع صوتك الحنون وتقول: "يا ابني أعطني قلبك". يا لعمق هذه الدعوة! كم يحمل هذا الطلب في طياته من حب لا يُقاس، من اشتياق إلهي لنفوسنا التي كثيرًا ما تهيم في الدنيا بعيدًا عنك.

 

"أعطني قلبك"، كأنك تقول لي: يا بني، لا أطلب منك ما لا تقدر عليه، لا أطلب منك ثروات الأرض ولا أفعالًا عظيمة، بل أطلب منك قلبك. أطلب منك ذاك الجزء الذي ينبض بالحياة، الذي يحتوي مشاعرك وأفكارك، الذي هو مركز وجودك كله. لأنك تعلم، يا رب، أنه عندما تمتلك القلب، تمتلك الكيان كله.

 

يا لهذا الطلب البسيط والعميق في آن واحد! كم من مرة يا رب حاولت أن أحتفظ بقلبي لنفسي، أن أملأه برغباتي الشخصية، بأحلامي الأرضية، بآمال صغيرة لا تقارن بما أعددته لي. لكنك تأتي بهدوء وتقول: "أعطني قلبك". كأنك تذكرني بأنك الوحيد الذي يعرف كيف يحمي قلبي، كيف يسقيه حبًا وحنانًا، كيف يملأه بالسلام الذي لا يعرفه العالم.

 

"ولتلاحظ عيناك طرقي".. كيف لا أراقب طرقك يا إلهي، وأنت الذي تقودني في كل خطوة، تريني الطريق الصحيح عندما تشتد الظلمة حولي، ترفعني عندما أتعثر، تعلمني كيف أسير بثبات وأمان في وسط هذا العالم المتقلب. إن مراقبة طرقك، يا رب، هي درس في الثقة، هي دعوة للإيمان العميق بأنك تعرف ما هو الأفضل لي، حتى وإن كانت طرقك غير مفهومة أحيانًا لعيني البشرية.

 

يا رب، أريد أن أكون ذلك الابن الذي يعطيك قلبه بلا تحفظ، الذي يثق بك ويضع فيك كل رجائه. علمني كيف أفرغ قلبي من كل ما يبعدني عنك، من كل ما يشغلني عن جمال حضورك. علمني كيف أفتح عينيّ لأرى طرقك، لأتبعك أينما تقودني، لأترك خلفي كل ما ليس له قيمة في نورك.

 

إلهي، في هذه الدعوة العميقة "يا ابني أعطني قلبك"، أسمعك تطلب مني أن أعيش حياة تتجاوز المظاهر الخارجية، أن أعيش حبًا صادقًا، حبًا ينبع من القلب. فالقلب هو مكان الالتقاء بيني وبينك، هو المكان الذي أستطيع أن أختبر فيه حنانك، رحمتك، وسلامك الذي يفوق كل عقل.

 

يا رب، خذ قلبي بين يديك، شكّله كما تشاء، نقّه من كل شوائب الدنيا، اجعله نقيًا، صافيًا، مكانًا يليق بحضورك. اجعلني أراقب طرقك بعين المحبة والإيمان، واثقًا أنك تقودني نحو الخير دائمًا، مهما كان الطريق صعبًا أو مليئًا بالتحديات.

 

 

علمني أن أكون ابنًا طائعًا، يسلم قلبه بالكامل لك، يراقب طرقك، ويثق في حكمتك التي لا تخيب. فأنت الوحيد الذي يستطيع أن يملأ هذا القلب بحب لا ينضب، بسلام لا يهتز، وبإيمان يستمر في كل الظروف.

الجريدة الرسمية