عودة الحرب الباردة.. بوتين يعلن أمريكا عدوًا صريحًا.. وموسكو ترسم خريطة نفوذ جديدة
لا يخفى على العالم العداء القديم بين موسكو الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ورسم خريطة جديدة للعالم تحدد القوى العظمى على كوكب الأرض.
الرئيس الروسي
وعلى الرغم من إنهاء هذا العداء بانهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينات القرن الماضي،عاد اليوم الرئيس الروسي ليناصب العداء صراحة لواشنطن في تصريح خطير في يوم الأسطول الروسي على هامش الازمة الروسية مع دول الغرب جراء الحرب بين موسكو وكييف.
ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مرسوم العقيدة البحرية الجديدة في يوم الأسطول، أقر فيه ان الولايات المتحدة الأمريكية هي الخصم الرئيسي لروسيا؛ في خطوة تعد إيقاظ للعداء القديم بين واشنطن وموسكو.
وأشارت وثيقة العقيدة البحرية الجديدة لموسكو باعتبار الولايات المتحدة الخصم الرئيسي لموسكو وتحدد طموحات روسيا البحرية بالنسبة لمناطق حيوية مثل القطب الشمالي ومناطق في البحر الأسود.
وفي الكلمة التي ألقاها في سان بطرسبرج، عاصمة الإمبراطورية الروسية السابقة، بمناسبة يوم الأسطول الحربي الروسي، أشاد بوتين بالقيصر بطرس الأكبر لجعله روسيا قوة بحرية عظمى ورفع مكانتها على مستوى العالم.
وبعدما تفقد الأسطول، ألقى بوتين كلمة مختصرة تعهد فيها بضم ما وصفها بصواريخ كروز من طراز تسيركون الروسية الفريدة للأسطول وحذر من أن روسيا لديها القدرة العسكرية على هزيمة أي معتد محتمل.
وشدد بوتين خلال حديثه، على ضمان أمن الحدود الروسية بكل الأساليب الممكنة، مؤكدا أن أسطول بلاده مستعد لمواجهة من يشكل تهديدا لها.
وقال الرئيس الروسي:"مستمرون في استكشاف جميع التقنيات البحرية.. يجب علينا أن نحمي دولتنا وحدودنا".
الحرب الباردة
وفي خضم صراع الحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفييتي كان هناك دائمًا حوار، وحتى انفراج، بين واشنطن وموسكو؛ بحسب «باتريك بوكانان» السياسي الامريكي والمستشارًا السابق لرؤساء أمريكا؛ أما اليوم، فيبدو أنه لا حدود للعداء الأمريكي الغربي لروسيا.
وقال بوكانان بحسب موقع «ذا أمريكان كونسرفاتيف» بعد فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية جديدة في انتخابات 18 مارس، اعلنت واشنطن انه يتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت سنواصل مسار حرب باردة ثانية أو ستحاور روسيا كما كان يفعل كل رئيس أمريكي خلال الحرب الباردة الأولى.
وفي الصراع الحالي بين الولايات المتحدة وروسيا، بوتين ليس الوحيد الذي يتحمل المسؤولية؛ إذ إن أعماله كانت في معظم الحالات ردود فعل على إجراءات أمريكية من طرف واحد.
وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، جذبت واشنطن جميع الدول التي كانت أعضاء في حلف وارسو وثلاثًا من الجمهوريات السوفييتية السابقة إلى حلفنا الأطلسي بهدف قالت عنه موسكو هو تطويق لروسيا.
وكان رد بوتين حشد قوات روسية على حدود بلاده، خصوصًا في قطاع دول البلطيق.
والرئيس جورج بوش ألغى معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ التي كان الرئيس ريتشارد نيكسون تفاوض بشأنها ووقعها مع الاتحاد السوفييتي؛ ورد بوتين ببرنامج لتطوير صواريخ هجومية استعرض قوتها في العاشر من مارس.
والولايات المتحدة عملت لاسقاط الحكومة المنتخبة الموالية لروسيا منذ نوفمبر 2014، وحتى لا تخسر روسيا قاعدتها البحرية الحيوية في ميناء سيفاستوبول على البحر الأسود، رد بوتين بضم شبه جزيرة القرم.
فيما شمل الصراع بين روسيا والولايات المتحدة سوريا فبعد ثورة سوريا مدت الولايات المتحدة المعارضي بالسلاح فيما عملت موسكو على دعم حكم الاسد من أجل إنقاذ آخر قاعدة عسكرية بحرية روسية في حوض البحر المتوسط؛ وبذلك انتهت سنوات (الرئيس الروسي) بوريس يلتسين الذي انقاد للغرب.
العداء بين روسيا والغرب
واليوم، يسيطر العداء بين روسيا والغرب إلى درجة عدم التفكير حتى بحوار بين واشنطن وموسكو.
وهذا يتناقض مع السلوك السابق بين الغرب وموسكو ففي عز الحرب الباردة، وبعد أن أخمد الزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف الثورة المجرية بالدبابات، استضافه الرئيس الامريكي إيزنهاور لمدة 10 أيام خلال زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة.
والرئيس ليندون جونسون تحاور مع الرئيس الروسي أليكسي كوسيجين وعقد قمة معه بعد أسابيع فقط من الصراع العربي الاسرائيلي عام 1967 ما كان يمثل وقتها اصطدام بشكل غير مباشر بين الولايات المتحدة الاتحاد السوفييتي.
وبعد أن أخمد الزعيم السوفييتي ليونيد بريجنيف ربيع براج في 1968، دشن هو والرئيس الامريكي الجديد آنذاك ريتشارد نيكسون مرحلة انفراج في العلاقات الأمريكية - السوفييتية.
في تلك السنوات الساخنة من الحرب الباردة، كانت السياسة تجد طريقها دائما بين الولايات المتحدة وموسكو.
ليتسائل السياسي الأمريكي:" ما هي المشكلة مع الجيل الجديد من قادة أمريكا؟ وهل يظهر قادة أمريكا وأوروبا اليوم أي استعداد لمحاورة روسيا فلاديمير بوتين؟.
واضاف "روسيا اليوم بعيدة جدًا عن أن تشكل ذلك التهديد الاستراتيجي العالمي الذي كان الاتحاد السوفييتي يمثله؛ ولكننا لا نفكر حتى بمحاورة موسكو، رغم أن هذا العداء الأمريكي لروسيا يمنع أي حوار حول مشكلات معاصرة كبرى مثل سباق تسلح بلا قيود.. أزمة في أوكرانيا.. توترات في البحر الأسود بسبب حشود بحرية غربية.. وأزمات سوريا، وكوريا الشمالية، وأفغانستان، وغيرها".
وتابع:"ورغم ذلك يبدو أن قادتنا يعتقدون أننا لم نفرض عقوبات كافية على روسيا؛ فماذا سنحقق من كل ذلك؟ الأجدر بنا أن نغير موقفنا وسلوكنا".
لتبقى الايام المقبلة هي الوحيدة القادرة على كشف جديد الصراع بين موسكو وواشنطن بينما يحبس العالم انفاسه تخوفا من صدام مباشر بين الدولتين الأعظم عالميا.