رئيس التحرير
عصام كامل

أنا وأنت وساعات الرمل

في مدينة مغطاة بغبار الساعات الرملية، كان لكل إنسان ساعة خاصة تُمنح له يوم ولادته، تُعلّق فوق رأسه كظل لا يفارقه، تحصي الأيام والساعات التي سيعيشها، ولم تكن الساعات الرملية متشابهة، فبعضها يحتوي على رمل يكفي لمئة عام، وبعضها لا يكاد يكفي لعقدين، ومع ذلك كانت الحقيقة واحدة: الجميع يعرفون متى ستفرغ الساعة، ومتى ستتوقف الحياة.

 

عاش سكان المدينة حياتهم مرهونين برمل ساعاتهم، حيث القلق يجثم فوق صدورهم منذ اللحظة الأولى، الصغار ينظرون إلى الرمل الذي يتناقص، والآباء يراقبون ساعات أطفالهم أكثر مما يراقبون وجوههم، ولا أحد يجرؤ على الغفلة، فكل حبة رمل تسقط تذكّرهم بأن النهاية تقترب، مهما بدت بعيدة.

 

من بين الجموع كان سامر، شاب مع ساعة استثنائية، فالرمل بداخلها يكفي لمئة وعشرين عامًا. حين نظر والده إليها يوم ولادته، انفجر بالبكاء من الفرح: ستعيش طويلًا يا سامر ستعيش لترى أحفاد أحفادك.. 

 

لكن سامر، على عكس أبيه، لم يشعر بالفرح، فمنذ أن كان صغيرًا بدأ يعدّ الرمل بقلق: ماذا لو انكسر الزجاج فجأة؟، ماذا لو تسارعت الحبات؟ كان يقضي أيامه يتخيل كيف يمكن لرماله أن تُختلس في غفلة.

 

كبر سامر وهو يعيش في ظل تلك الساعة، رفض أن يركب البحر خوفًا من الغرق، وتجنب السفر خشية الحوادث، وامتنع عن الحب لأنه لم يرد أن يترك قلبه لامرأة قد تنتهي حياتها قبل ساعته، بل كانت حياته مليئة بالمحاذير والخطوط الحمراء، وكلما حاول أن يخطو خطوة نحو تجربة جديدة، همست له ساعته كأنها تذكّره: احذر، الوقت ثمين.

 

وفي أحد الأيام، قابل سامر رجلًا عجوزًا يجلس على شرفة منزله، يشرب الشاي بابتسامة هادئة. العجوز كان قد بقي في ساعته الرملية بضعة أيام فقط، لكن وجهه لم يكن يحمل أي أثر للخوف. اقترب سامر وسأل: كيف يمكنك أن تكون هادئًا وأنت تعلم أن الرمل سينتهي قريبًا؟

 

ابتسم العجوز وقال: قضيت حياتي أراقب الرمل كما تفعل، حتى أدركت شيئًا مهمًا. الساعة ليست للحساب، بل للتذكير. الرمل لا يهم بقدر ما يهم ما تفعله وأنت تراه يسقط.

 

تردد سامر للحظة، ثم سأل: ولكن.. ماذا لو لم أفعل شيئًا؟ ماذا لو انتهى الرمل دون أن أعيش حقًا! ضحك العجوز وقال: هذا هو الخوف الحقيقي، يا بني. أن تموت وأنت حي. لا تنتظر أن يفرغ الرمل لتكتشف ذلك.

 

في تلك الليلة قرر سامر أن يتوقف عن مراقبة الساعة، أزالها من فوق سريره وتركها في زاوية الغرفة، وخرج إلى العالم للمرة الأولى دون أن يحمل معها القلق. بدأ يجرّب، يخطئ، ويعيش. الرمل لم يعد عدوّه، بل أصبح شريكًا خفيًا يدفعه للأمام.

 

 

ومع مرور الأيام، بدأ يدرك سامر أن الخوف من الموت هو ما كان يسرق حياته، لا الرمل المتناقص، الساعة لم تكن اللعنة بل كانت دعوة ليعيش كما لم يعش من قبل.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية