رئيس التحرير
عصام كامل

بيت الغزلان

في زمن ليس ببعيد كان العالم أشبه بغابة واسعة، لكل ركن منها لغته وأشجاره وقصصه، حيث كنا نتحرك بين تلك الأركان بخطوات بطيئة وحذرة، نحتاج إلى جوازات سفر للأماكن، وخرائط للعقول. لكن فجأة، ظهرت تلك الشبكة العنكبوتية الضخمة، تلك التي لا تشبه الغزلان بل تشبه الفخاخ. وهكذا، وجدنا أنفسنا نسكن في بيت لا يشبه الغابة، بل أشبه بما يمكن أن نسميه بيت الغزلان.

بيت الغزلان فضاء رقمي نعيش فيه اليوم، ونحن فيه الغزلان التائهة القادمة من شتى بقاع الأرض، لا تجمعنا لغة واحدة ولا ثقافة متجانسة، لكننا نعيش تحت سقف واحد.. سقف وسائل التواصل الاجتماعي، ذلك البيت الزجاجي الذي يرى فيه الجميع بعضهم البعض، ولكن دون أن يلمس أحدنا الآخر.

هل تعرف ما المشكلة الحقيقية؟ المشكلة أننا نسينا أن نكون نحن. فقدنا ملامحنا الفردية في بحر الصور والفيديوهات والبوستات. أصبحنا نحاول جاهدين أن نبدو كالغزلان، أنيقين ورشيقين، لكن في داخلنا تنهشنا ذئاب الفقد والانفصال عن ذواتنا الحقيقية.

في الزمن الماضي، كانت الهوية شيئا نفخر به. كان لكل أمة صوتها، ولكل جيل لغته، ولكل شخص وجهه الذي يميزه. لكن اليوم، الهوية أصبحت سلعة، نصنعها لاكتساب الإعجابات أو الحصول على المتابعين. تباع وتشترى كأنها قطعة أثاث في بيت الغزلان.

تسأل نفسك: من أنا؟ ثم تبحث عن الإجابة في هاتفك. تتفقد ملفك الشخصي، الصور التي اخترتها بعناية، التعليقات التي تلقيتها من غرباء لا تعرفهم، وحتى المعايير الزائفة التي تحكمنا بها الخوارزميات. فجأة، تدرك أن الإجابة ليست بين يديك، بل في يد تلك المنصات التي أصبحت الآمر الناهي في تشكيل ذواتنا.

حين أزالت وسائل التواصل الاجتماعي الحواجز بين الأمم، كنا نظن أننا دخلنا عصرا جديدا من الوحدة والتقارب. لكن الحقيقة أن تلك الفوضى الرقمية لم تخلق تواصلا حقيقيا، بل صنعت عالما مشوشا حيث لا حدود للزمان أو المكان. أصبحنا نتحدث مع أشخاص من قارات بعيدة، نضحك على نكات لا نفهم سياقها، ونعجب بصور لا تعني لنا شيئا.

وسط هذا التشويش، فقدنا القدرة على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مصطنع. أصبحنا نلعن هذه المنصات لأنها تستهلك وقتنا وتسرق أرواحنا، لكننا لا نستطيع أن نتركها. نحن الآن عبيد لها، نسير وفق معاييرها، ونعيش وفق زيفها.

ربما تكون الإجابة ليست في الهروب من بيت الغزلان، بل في إعادة تعريفه. يجب أن نتعلم كيف نعيش في هذا العالم الرقمي دون أن نفقد جذورنا. أن نتواصل بصدق، لا لمجرد أن نحصل على الإعجابات. أن نعيد النظر في أنفسنا، بعيدا عن مرآة السوشيال ميديا التي تعكس فقط ما تريدنا أن نراه.

بيت الغزلان يا عزيزي ليس مكانا للغزلان الحقيقية، بل هو قفص من زجاج صممته أيدينا. نحن الآن في حاجة ملحة لتحطيم هذا الزجاج، ليس بالخروج منه، بل بإعادة بنائه ليكون بيتا يعبر عن إنسانيتنا الحقيقية، عن هوياتنا التي ضاعت في بحر الفوضى الرقمية.

الغابة التي كانت ذات يوم مكانا للتنوع، أصبحت الآن مجرد سراب، ونحن الغزلان التائهة فيها. السؤال الذي يجب أن نسأله لأنفسنا: هل يمكننا أن نجد طريقنا إلى أنفسنا؟

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية