أزمة منتصف الشهر
البعض يسرح بعربية بطاطا، بينما أنا أسرح بخيالي في مصطلح أزمة منتصف العمر، فأجد أنه يرتبط بالطبقة المرفهة، تلك الفئة التي تقف في منتصف الطريق بين الشباب والشيخوخة لتراجع إنجازاتها، تشعر بالفراغ الوجودي، وتقرر أن تملأه بجوازة جديدة أو سيارة رياضية لامعة أو حتى بدروس يوجا في نيبال الشقيقة.. أما نحن، الكادحين، فنعيش أزمة أعمق وأشد وطأة: أزمة منتصف الشهر.
هذه الأزمة ليست مجرد حدث عرضي يمر بنا مرة واحدة في الحياة، إنها مأساة تتكرر كل ثلاثين يومًا يا سادة يا مقلم يا كاروهات، كأنها قانون كوني صارم. تبدأ الحكاية مع نزول الراتب أو المرتب أو القبض.. أو السالري كما يطلق عليه سكان إيجيبت..
لحظة فرحة خاطفة أشبه بهطول الأمطار في صحراء شاسعة. تشعر للحظة أن كل شيء ممكن.. دفع الفواتير، شراء مستلزمات البيت، وربما حتى طلب وجبة موزة ضاني من أبو شقرة السكرة. لكن، بعد أسبوع هيجيني موجوع، إذ يتحول الراتب إلى أثر بعد عين. كأنه رشفة ماء في فنجان وسط صيف قائظ.. تختفي سريعًا، تاركة وراءها جفافًا ماليًا مريرًا. صحراء جرداء لا كهرباء فيها ولا ماء.
وهكذا تبدأ الدوامة ودوخيني يا لمونة.. تعيش ثلاثة أسابيع كاملة في معركة مستمرة ضد الجوع، الغلاء، وفواتير الكهرباء التي أصبحت أشبه بمنشار يقطع رقبتك ببطء، تحاول أن تجد حلولًا فلسفية للأزمة، فتتساءل: هل يمكن للمرتّب أن يتبخر بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري؟ أم أن جيبي يحتوي على ثقب أسود يبتلع كل جنيه يدخل إليه؟
أما الأسعار، فهي أشبه بمسابقة في تسلق الجبال. بينما الراتب واقف عند سفح جبل إيفرست منذ خمس سنوات، تتسابق أسعار الطعام والوقود والإيجار في القفز نحو القمة بسرعة لا يستطيع رونالدو نفسه مجاراتها. وعلى الرغم من هذا، يطالبوننا بالرضا والقناعة. كيف نرضى وقائمة الأسعار تشبه وحشًا ينمو كل يوم؟!
الحكومة وأصحاب الشغل يطمئنوننا بخطابات تنادي بالصبر والعمل الجاد. وكأننا نحتاج إلى درس في الصبر بعد كل تلك الطوابير التي نقف فيها لشراء خبزٍ أو دفع فاتورة! أما الحلول، فهي دائمًا مؤجلة إلى أجل غير مسمى، تمامًا كموعد زيادة المرتّبات، الذي يبدو أنه مُسجَّل في دفتر الغيبيات.
في النهاية، يا عزيزي، نحن لا نحسد أصحاب أزمة منتصف العمر على قلقهم الوجودي، ولكننا ندعوهم لتجربة أزمة منتصف الشهر ولو لمرة واحدة. ربما سيشعرون معنا أن قلقهم على تساقط الشعر أو على تحقيق الذات هو ترفٌ لا يُقدّر بثمن، في حين أن قلقنا مرتبط بلقمة العيش، تلك التي أصبحت معركة يومية نخوضها ببسالة، كل شهر.
وأنت، ما رأيك؟ هل ترى حلًّا لهذه الأزمة؟ أم نكتفي بتجهيز أنفسنا لاستقبال منتصف الشهر القادم بروح من الفكاهة الممزوجة بالعسل الأسود؟
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا