رئيس التحرير
عصام كامل

كيف نحمي أنفسنا من آلام الصدمات؟

من وقت لآخر، تصدمنا الأحداث التي لا ننتظرها، كخسارة غير متوقعة، خيانة، أو حتى كارثة تهز عالمنا الداخلي، وعندما تحدث مثل هذه المواقف، يتحرك عقلنا بخفة جراح محترف، ينسج آليات خفية تحمينا من السقوط في هاوية الألم النفسي. تلك الآليات، أو الحيل الدفاعية كما يسميها علماء النفس، هي الدرع الذي يحتمي به الإنسان في وجه ما لا يحتمل.

لكن هل تساءلنا يومًا عن كلفة هذا الدفاع؟ وهل نحن نحمي أنفسنا فعلًا، أم أننا نخفي الجراح فقط تحت طبقات كثيفة من الإنكار والتبرير؟

 

الإنكار، الحقيقة التي لا نريد رؤيتها

قبل بضعة أعوام، جلس صديق عزيز ليحكي لي عن صدمة فقدانه المفاجئ لوالدته. "في البداية، لم أصدق أنها رحلت"، قالها وهو يبتسم ابتسامة شاحبة، وكأن إنكاره حينها كان زيًا واقيًا ارتداه ليحمي نفسه من الألم. 

 

هذا الإنكار، الذي يبدو في ظاهره هروبًا، كان بالنسبة له ضرورة. لكنه اعترف لاحقًا بأنه لم يشفَ تمامًا حتى واجه الحقيقة بكل قسوتها.

الإنكار ليس دائمًا اختيارًا واعيًا. إنه رد فعل آلي، يشبه غريزة الابتعاد عن النار. لكنه، كما النار، يمكن أن يترك أثرًا إذا طالت المدة. ربما هذا ما يجعلنا نتساءل: هل نحن أحيانًا بحاجة إلى مواجهة الحقيقة كما هي، مهما كانت قسوتها؟

 

الكبت، ذكريات في أعماق اللاوعي

لا أحد منا يملك ذاكرة كاملة. أحيانًا، تختفي تفاصيل أحداث كاملة من عقولنا، خاصة إذا كانت محملة بالألم. ربما يكون هذا ما يُسمى بالكبت. هنا، لا يحذف العقل الحدث، بل يخفيه في دهاليز اللاوعي.

من منا لم يجد نفسه يعاني من توتر أو قلق لا يعرف سببه؟ قد يكون ذلك نتاج ذكريات دفنت منذ زمن بعيد. لكن المشكلة تكمن في أن ما يُدفن لا يموت. يظل الكبت جرحًا غير مرئي، يفسد هدوء النفس دون أن ندرك السبب.

 

الإسقاط والتبرير، عندما نهرب من أنفسنا

الإسقاط، تلك الحيلة التي نلجأ إليها لنلوم الآخرين على ما نحمله نحن من مشاعر سلبية، ربما يكون أحد أكثر الحيل شيوعًا. نرى العالم من خلال مرآة أنفسنا، وما نكرهه في الآخرين هو غالبًا ما نعانيه داخليًا.

 

أما التبرير، فهو قصة أخرى. كثيرًا ما نبحث عن تفسير منطقي يبرر ما حدث لنا. نخترع قصصًا تريحنا، لكننا في الواقع نخدع أنفسنا. كم مرة قلت لنفسك بعد فشل ما: "لم أكن أريده حقًا"، بينما الحقيقة أنك أردته بكل جوارحك؟

 

هل نحن سجناء هذه الحيل؟

بعض الفلاسفة يرون أن الحيل الدفاعية تعكس عبقرية العقل البشري. لكنها، في الوقت ذاته، قد تكون قيدًا يمنعنا من النمو. كيف ننضج إذا كنا نهرب باستمرار من مواجهة الحقيقة؟

في المقابل، يرى آخرون أن الحيل الدفاعية هي ضرورة لحماية النفس من الانهيار. هل كنا سنظل قادرين على الوقوف بعد خساراتنا لو لم يكن للعقل هذه الآليات؟

 

ما بين مواجهة الألم وحماية النفس

نحن كالبحّارة الذين يبحرون في محيط الحياة. عندما تعصف بنا العواصف، نخفض الأشرعة ونحتمي داخل السفينة. لكن هل يمكن أن نصل إلى وجهتنا إذا بقينا مختبئين للأبد؟ الحيل الدفاعية تمنحنا الوقت، لكنها ليست الحل.

مواجهة الصدمات ليست سهلة، لكنها الخطوة الأولى نحو التعافي. أن تعترف بما حدث، أن تتقبل الألم، وأن تبحث عن معنى في وسط الفوضى.. ربما تكون هذه هي الطريقة الوحيدة لاستعادة نفسك.

 

 

العقل أستاذ ماهر في الإبداع، يصنع من الأزمات دروعًا تحمينا، لكنه قد يغرقنا في وهم إذا اعتمدنا عليه أكثر مما يجب. نحن بحاجة إلى شجاعة المواجهة بقدر ما نحتاج إلى الحكمة في الحماية. وبين هذه وتلك، يكمن سر التعافي والنضج.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية