الثعابين لا تصلح للزينة
ذات صباح خريفي دافئ، جاب يوسف الغابة كعادته، بحثا عن جمالٍ مخبأ بين الأشجار، إذ كان مؤمنًا بأن الطبيعة تخبئ معجزاتها لمن يبحث عنها، وفجأة رأى لمعانًا غريبًا ينعكس على أوراق الشجر.. فاقترب بخطوات حذرة ليجد ثعبانًا، لم يكن عاديًا.
كأن جلده نسج من ضوء القمر مخلوط بألوان الطيف، فتأمل يوسف المشهد بذهول وهمس لنفسه: يا للجمال! حتى أخطر الكائنات يمكن أن تكون مبهرة.. جاء صديقه حسين من الخلف، ونظر إلى الثعبان بخوف: جمال؟ هذا قاتل بدم بارد. سمّه أجمل ما في الطبيعة، لكنه يظل قاتلًا.
ابتسم يوسف وقال بحماس: سأثبت لك العكس يا حسين. سأجعل من هذا الكائن رمزًا للحياة، لا الموت.. ضحك حسين بسخرية وقال: الثعبان لا يغيّر جلده إلا ليصبح أقوى. لن تغيّر طبيعته مهما حاولت، لكن حظًا سعيدًا في محاولتك المجنونة.
حمل يوسف الثعبان بحذر، وسماه نور. لم يكن الاسم اعتباطيا، بل كان يرى فيه انعكاسًا للنور الذي يضيء ظلام النفوس. بدأ في تربيته كطفل صغير، يغذيه، يحادثه، وحتى يغني له أحيانًا.. بل حدثه ذات مرة: اسمع يا نور، السمّ الذي في داخلك ليس قدرا، بل خيار، وأنا سأساعدك لتختار النقاء.
كان حسين يراقب هذه المحاولات العبثية ويهز رأسه قائلًا: يوسف، أنت تنفخ في رماد. فيرد يوسف بثقة: حتى الرماد يمكن أن يخفي جمرة تشعل الحياة.. مرت السنوات، وكبر نور. أصبح جلده لوحة فنية تتحرك مع الضوء، كل من يراه يقف مبهورًا بجماله، أما يوسف فكان يتحدث بفخر عن انتصاره على طبيعة الثعبان.
حين اقترب موعد زفاف ابنه عمر، قال يوسف لنفسه: نور سيكون رابطة العنق التي تضفي على عمر هالة من التميّز. سيكون أجمل عريس رآه الناس.. كان حسين يستمع إلى حديث يوسف بدهشة وقال: أتريد أن تضع قاتلًا حول عنق ابنك؟ رد يوسف بثقة: يا أخي قلت لك نور لم يعد قاتلًا. إنه الآن رمز الجمال والسلام.
في تلك الليلة، لفّ يوسف نور حول عنق عمر بحذر شديد. بدا الثعبان وديعًا كأنه قطعة من السماء. وقف الجميع مبهورين بجمال رابطة العنق التي تعكس أضواء القاعة بألوان ساحرة.. وسط الضحكات والموسيقى، وبينما كان العريس يرقص، بدأ نور يتحرك ببطء. عادت إلى عينيه تلك النظرة الحادة التي تحمل ميراث أجداده من الغدر. فجأة، التف حول عنق عمر، وضغط بكل قوته.
في لحظات، تحول الفرح إلى فوضى، وملأت صرخات الحضور القاعة، وحاول يوسف إنقاذ ابنه، لكن الأوان كان قد فات.. جلس يوسف بجوار جثة ابنه، مذهولا، وعيناه تلاحقان نور الذي بدأ يزحف بعيدًا بهدوء كأنه لم يفعل شيئًا. اقترب حسين ووضع يده على كتف يوسف قائلا: أخبرتك، الثعبان يغيّر جلده، لا طبيعته.
نظر يوسف إلى حسين بعينين غارقتين في الدموع وقال بصوت مكسور: كنت أظن أن النور ينتصر دائما على الظلام. لكن ربما.. بعض الظلام يولد معه نور مخادع.. ثم نظر إلى السماء التي كانت تلمع بألوان الغروب، تمامًا كجلد نور، وتمتم لنفسه: لم أكن أعلم أن الجمال لعنة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا