رئيس التحرير
عصام كامل

الوعي فريضتنا الغائبة! (2)

أزمتنا الحقيقية أننا ننظر للإعلام والصحافة على أنهما سلعة يبتغي صناعها والقائمون عليها تحقيق ربح يضمن بقائها ويتكفل بتغطية عائد تكلفتها.. وتلك خطيئة في حق الوعي الذي هو أقوى سلاح في مواجهة ما يحيط بنا من مخاطر على كفة الجهات الاستراتيجية للوطن العربي.


الإعلام والصحافة هما رأس الحربة في معركة الوعي ينهضان بدور أصيل في صون العقل الجمعي من رياح الحرب النفسية وأهل الشر ومحاولات الاستهداف التي لا تكاد تتوقف حتى تشتعل من جديد.


إعلامنا وصحافتنا والدراما بوجه خاص يجب أن تقوم بدورها في تحصين الرأي العام من رياح الفتن التي تهب من الفضائيات والمواقع الكارهة لمصر.. ومن الكارهين لها هنا وخارج هنا، وأن تتصدى بقوة لإيقاظ الهمم والشعور الوطني لخلق ظهير شعبي قوي مساند للدولة في تحولاتها الكبرى مع التنبيه لأوجه القصور متى وجدت.. 

 

ونشر الرأي والرأي الآخر كسبًا للمصداقية وتحقيقًا للموثوقية فليس يقنع إلا المقنع في النهاية، ومن ثم فإنهما-أي الإعلام والصحافة- بهذا المعنى ليسا سلعة ولا ينبغي أن ينتظر منهما الربح والمكسب المادي فما ينفق عليهما أقل بكثير من الفائدة المرجوة حال وجود رأي عام مستنير وداعم ومتفاعل مع قضايا أمته وشواغل دولته..

 

وإلا فإن ثمن غياب مثل هذا الرأي العام فادح وفادح جدًا.. ولن يملأ فراغهما إلا أبواق الإفك والضلال والشائعات وهشاشة العقول وقابليتها لتصديق ما يلقى إليها دونما تمحيص ولا تحقق.
وهنا يثور سؤال آخر: كيف يستعيد الإعلام والصحافة قوتهما وحيويتهما اللتين هما من قوة الدولة وحيويتها؟! إذ يقومان بدور خطير في تشكيل وعي أي شعب.


ما أعلمه أن إعلامنا في حاجة مستمرة للتطوير والإصلاح لمواكبة ما يستجد من متغيرات وتحديات، ولا يخفى على أحد أسباب ما يعانيه إعلامنا وصحافتنا من تراجع اجتمعت له عوامل عديدة على فترة من الإهمال والغفلة وليس أقل تلك الأسباب أن المهنة صارت مستباحة من دخلاء كثيرين حتى أنها باتت مهنة من لا مهنة له بعد أحداث يناير 2011.


ولعل كثرة الدخلاء على الصحافة والإعلام لم تحرم فقط خريجي الإعلام من فرصهم المستحقة في العمل بمهنة تخصصوا في دراستها وتعبوا لأجل الحصول على شهادتها بل حرمت الجمهور كذلك من جودة الرسالة ومصداقيتها وموضوعيتها.


افتقاد المعايير المهنية والعلمية في المذيع والإعلامي والصحفي الحق أضر بخريجي كليات الإعلام وأقسامها الكثيرة أيَّما ضرر، وأضاع عليهم ما أنفقوه من مال وجهد ووقت في سنوات دراستهم؛ أملًا في اللحاق بوظيفة طالما حلموا بها، وتحرقوا شوقًا إليها.


والنتيجة أن كثرة غالبة من خريجي الإعلام صاروا متعطلين عن العمل في الإعلام، رغم أنهم الأحق بمهنة بلقب صحفي أو مذيع بحكم ما درسوه من تخصصات علمية تجعلهم مؤهلين لخدمة قضايا المجتمع وتنميتها، عبر إنتاج محتوى مبدع يأخذ بألباب المتلقين ويغذي عقولهم وأرواحهم ووجدانهم، ويبني عن بينة اتجاهات الرأي العام بصورة إيجابية وينمي الوعي الجمعي وينقل الأخبار بتجرد وموضوعية ليكشف عن أوجه القصور والفساد ويحارب الإرهاب ويصحح المفاهيم المغلوطة.


والسؤال: لماذا يتم التوسع في إنشاء أقسام وكليات جديدة للإعلام والصحافة رغم ما يعانيه خريجوها من بطالة واضحة حرمتهم من وظيفة مستحقة ذهبت بكل أسف لمن لا يستحقونها؟! وبعضهم لا يملك حسًا إعلاميًا ولا موهبة ولا قبولًا جماهيريًا..

 

لماذا هذا التوسع غير المحسوب؟ رغم وجود كلية إعلام عريقة بجامعة القاهرة يمكنها أن تسد حاجة سوق العمل التي تشبعت ولم تعد في حاجة للمزيد بعد التراجع الرهيب في الموارد والإعلانات والظروف الاقتصادية الصعبة التي تطبق الخناق على سوق الطباعة والصحافة والإعلام.


ما وقع غداة أحداث يناير 2011 ولسنوات بعدها من فوضى وتدني الثقافة والأخلاق ونشر الإحباط وعزوف الناس عن الإعلام، الذي باتت ساحته تعج بوجوه كثيرة لا جمهور لها ولا فكر ولا مقومات إلا الزعيق والنعيق.. كل ذلك وغيره كان نتاجًا لهذا الارتجال الإعلامي الذي نأمل أن يتوقف مع تولي طارق نور رئاسة شركة المتحدة للإعلام!


عودة إعلامنا قويًا يشار له بالبنان من مصلحة الجميع، إعلام لا يهتم باللت والعجن والدجل والشعوذة واختلاق معارك وهمية وترويج فضائح المشاهير وخناقاتهم، وفتاوى الفتن المنافية لقيمنا الأصيلة وهتك الحرمات وانتهاك الخصوصيات، وتهويل نقائص المجتمع وكشف عوراته.. 

 

فهل من المقبول ما يثيره الإعلام الرياضي من فتن وانقسام وما يبثه من عصبية جهارًا نهارًا؟ وهل نرضى بمحتوى إعلامي يطغى عليه حشو يضر بأكثر مما ينفع ويشوه صورة الدولة والشعب بعد غياب الفكر الهادف القادر على صياغة رؤية خلاقة تتبنى واجبات الوقت وأولوياته الواجبة دون تهوين أو تهويل؟!


ما أكثر ما غاب الإعلام عن ملفات كان حضوره فيها واجبًا لا عذر في تخلفه ومنها الأمية والجهل والمرض وانحطاط الأخلاق والعنف ولاسيما الأسري والإدمان.. وتحقيق طفرة ملموسة في الإنتاج وتكريس قيم الولاء والانتماء الوطني.


أما غياب الحس الإعلامي ولا أقول الوطني لدى بعض إعلاميينا فمرجعه غياب العلم والخبرة والموهبة، وانعدام التدريب وتناقل الخبرات، والجهل بدور الإعلام ومقتضياته وحدود مسئولياته؛ ذلك أن الإعلام شأنه شأن أي مهنة هو علم لا فهلوة بل إنه بلا مبالغة هو أخطر المهن جميعًا.. 

فهو يبني أممًا أو يهدمها بكلمة أو صورة أو شائعة.. وهو فوق ذلك جزء أصيل وكاشف لمنظومة ثقافية وفكرية واجتماعية تحدد اتجاهات الدولة وتعكس المستوى الفكري والثقافي والسلوكي لشعبها..

 

والسؤال: لماذا لا يسمح لغير خريجي الطب والهندسة والحقوق مثلًا بممارسة تلك المهن.. لماذا أبواب الإعلام مفتوحة على مصاريعها للاعبي الكرة ونجوم الفن والرقص والطبخ والتجميل والموضة.. بينما هي موصدة في وجه أهل التخصص والرؤية والفهم؟!


الإعلام ليس فهلوة يا سادة لكنه علم ورؤية وموهبة ورسالة أخلاقية تسعى نقابتا الصحفيين والإعلاميين ومن قبلهما الهيئات والمجالس المختصة لضبط إيقاعه، وتوفير مناخ يسمح بأداء تلك الرسالة، ويخدم أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، ويحصن الوطن ضد رياح أهل الشر كما يطالب الرئيس السيسي دائما وفق منهج علمي رصين ولسوف يتحقق ذلك إذا اتحدنا جميعًا على كلمة سواء..

 

 

ولست أقول ذلك من باب النقد لكنها الغيرة على مهنة غالية قضيت فيها أكثر عمري، ولا رجاء لي إلا عودتها لأبهى صورها وأعز أدوارها.. فهل نحن مستعدون لعودتها لمكانتها المستحقة والأهم هل لدينا رغبة حقيقية في ذلك؟!

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية