تأملات سيكولوجية في المسألة الزملكاوية
في هذه الفترة، تصاعد التراشق الإعلامي بين جماهير ناديي الزمالك والأهلي بشكل كبير، وذلك بسبب تصريحات رئيس نادي الزمالك، حسين لبيب، بأن الزمالك أكبر قلعة رياضية في مصر.
وبالرغم من أنني أستمتع بمشاهدة كرة القدم، إلا أنني لا أنجذب للتعليق على أحداثها، فبالنسبة لي هي مجرد وسيلة لقتل الوقت والتسلية. لكن الضجة الحالية جعلتني أتوقف قليلًا للتأمل فيما يحدث.
أحد الأمور التي لاحظتها هو أن جماهير الزمالك ومسؤوليه، خاصة في السنوات الأخيرة، يمارسون لعبة نفسية مع أنفسهم. ينكرون تفوق النادي الأهلي الذي يتضح في عدد البطولات، التطورات البنيوية، وحتى في الصورة العامة للأهلي كأحد أعرق الأندية الرياضية.
ومنذ سنوات وجمهور الزمالك يحاول تصدير صورة أن الأهلي بطولاته حرام، بينما بطولات ناديهم حلال، وأن الأهلي هو نادي الدولة وله نفوذ كما أن كل الخزائن مفتوحة أمام الأحمر في شكل عقود رعاية وموارد وإعلانات للاعبيه.. لكن يبدو أن هذا الأمر لم يؤت ثماره، فكانت الحاجة لابتكار حيل جديدة!
البداية كانت مع إطلاق لقب أكبر قلعة رياضية في مصر، ثم تبعه تهديد حسين لبيب بإبعاد من ينكر هذا اللقب عن المشهد الرياضي. هناك ثلاث نقاط تستحق التوقف عندها:
محاولة الزمالك ابتكار شعار مماثل لشعار الأهلي أعظم نادي في الكون.
التأكيد على أن جمهور الزمالك هو الوحيد الذي يفهم بينما جمهور الأهلي يوصف بالعكس.
محاولة إظهار النادي كقوة نافذة تستطيع إقصاء أي معارض.
لكن المثير هو كيف أن جماهير الزمالك تحاول استنساخ نجاحات الأهلي، بدءًا من لقب سوبر القرن كمحاولة لموازاة نهائي القرن الذي خسره الزمالك أمام الأهلي. وصولًا إلى محاولتهم تحويل هدف ناصر منسي إلى قاضية مشابهة لهدف محمد مجدي قفشة في نهائي دوري أبطال إفريقيا، بالرغم من الفروق الكبيرة بين الهدفين سواء في أهمية المباراة أو النتيجة.
بل الأكثر غرابة محاولة استنساخ قاضية جديد، وهو ناصر منسي الذي راح جمهور الزمالك يصوره على أنه ذلك الفتى الطيب الذي يتحدث بعفوية وعلانيته.
وحتى الاحتفال بمرور أسابيع على القاضية والتي ابتدعها جمهور الأهلي بإطلاق عداد لحساب كم "جمعة" مرت على الهدف والفوز، ماثله عدد آخر لحساب عدد الأيام والساعات والدقائق اليت مرت منذ أحرز منسي قاضيته!
وأخيرًا، جاء استخدام لاعب الزمالك نبيل عماد "دونجا" لأغنية شائعة في احتفالاته كنوع من استنساخ للأغنية التي استخدمها طاهر محمد طاهر في احتفالات الأهلي، التي حققت شهرة بعد استخدامها.
ما يحدث هنا يمكن تحليله على أنه محاولة جماعية من جمهور الزمالك لإعادة بناء هوية ناديهم بأساليب نفسية تدافع عن الذات. إنكار التفوق المنافس هو آلية نفسية معروفة تسمى "الإنكار" وهي تهدف لحماية المشاعر من الحقيقة المؤلمة. عندما يشعر الشخص أو الجماعة بأنهم في موقف ضعف، قد يتجهون لخلق عالم بديل حيث يرون أنفسهم كأقوياء وذوي نفوذ.
لكن الاستمرار في هذا المسار يعطل عملية التعافي الحقيقي. فبدلًا من مواجهة الواقع والعمل على تحسين الأوضاع، يتم التركيز على محاولات استنساخ إنجازات المنافس أو التقليل من شأنه. والحقيقة النفسية تقول إن أول خطوة نحو التعافي هي الاعتراف بوجود المشكلة. عدم الاعتراف بالمرض يعني البقاء في دائرة الوهم، وعدم التحرك نحو التطور والتحسن.