رحمة الله لا تُبعد
ليلى فتاة نشأت في قرية صغيرة، وعرفت منذ صغرها بالصبر والإيمان. واجهت ليلى مصاعب كثيرة؛ حيث فقدت والديها وهي في سنٍّ صغيرة، وعاشت مع جدتها العجوز، التي لم يكن بوسعها سوى منحها الحب وبعض الحكايات القديمة. واجهت ليلى وحدتها بالصلاة والدعاء، وكانت ترفع يديها للسماء كل ليلة، تناجي الله بقلبها الطاهر: "يا رب، كن معي، لا تبعد رحمتك عني."
أصبحت الحياة أصعب بعد مرض جدتها، مما اضطر ليلى إلى ترك المدرسة والعمل في بيوت القرية لمساعدة جدتها وتأمين حاجاتهما الأساسية. ومع كل صباح جديد، كانت تواجه ضغوط الحياة بابتسامة وإيمان متجددين، وتعود في المساء لتجلس بجوار جدتها، وتحدثها عن رحمة الله التي تشعر بها في قلبها حتى وسط الصعاب.
في إحدى الليالي، وبينما كانت جالسة بجوار سرير جدتها التي تشتد عليها الآلام، وضعت ليلى يدها على يد جدتها، وقالت بهدوء: "جدتي، هل تعتقدين أن الله يسمع صلاتنا؟" ابتسمت الجدة رغم ضعفها، وقالت: "نعم، يا ليلى. الله لا يُبعد صلاتنا ولا رحمته عنا. نحن لا نرى رحمة الله دائمًا بوضوح، لكنها تحيط بنا من كل جانب، حتى لو كانت مخفية."
بعد أيام قليلة، توفيت الجدة، تاركة ليلى وحيدة. كانت ليلى تشعر بثقل الحزن، لكنها تذكرت كلمات جدتها عن رحمة الله التي لا تُبعد. استمرت في الصلاة بنفس الإيمان، وكانت تردد الآية: "مُبَارَكٌ اللهُ، الَّذِي لَمْ يُبْعِدْ صَلاَتِي وَلاَ رَحْمَتَهُ عَنِّي." (مزمور 66: 20)
في أحد الأيام، وبينما كانت تنظف أحد البيوت، تحدثت إليها صاحبة البيت، امرأة غريبة على القرية، لكنها شعرت بطيبة قلب ليلى وقوة صبرها. كانت السيدة تبحث عن مساعدة في متجرها الصغير في المدينة المجاورة. عرضت على ليلى العمل لديها بشكل دائم مع إقامة مريحة وأجر كافٍ لتحقيق طموحاتها.
لم تصدق ليلى في البداية، لكن قلبها كان مليئًا بالامتنان، إذ شعرت بأن هذا العرض كان استجابة لدعواتها، ورحمة من الله الذي لم يُبعد عنها رحمته ولا صلاتها. ودّعت قريتها وذهبت مع السيدة، وبدأت حياة جديدة مليئة بالأمل.
تظهر رحمة الله في حياتنا بطرق قد لا نتوقعها، وقد تأتينا في اللحظات التي نظن فيها أننا وحدنا. الله يرى صلواتنا ويستجيب لها في وقته المناسب، فنحن لسنا أبدًا بمفردنا.
عزيزي، مهما اشتدت بك الصعاب وظننت أن الله بعيد، تذكر الآية: "مُبَارَكٌ اللهُ، الَّذِي لَمْ يُبْعِدْ صَلاَتِي وَلاَ رَحْمَتَهُ عَنِّي". الله يستمع لصلواتك ويغمر حياتك برحمته. انتظر بركاته بإيمان، وثق بأنه سيرسل لك رحمته في الوقت المناسب وبالطريقة التي تحتاجها، وليس بالطريقة التي تتوقعها.
للمتابعة على قناة التليجرام: @paulawagih