الفن وسنينه
لا تكرموا محمد منير ومنة شلبي مرة أخرى!
قلنا وكتبنا كثيرًا عن موضوع تكريم الفنانين والفنانات في المهرجانات، وأكدنا على أنه قد أصبح بمثابة الظاهرة السلبية في السنوات الأخيرة، بعدما أضحت معظم التكريمات تذهب لمن لا يستحق وتتجاهل من يستحق! تدار بطرق عشوائية خالصة لا وجود لأي معايير ومقاييس موضوعية فيها!
وتحكمها في الغالب عوامل المصلحة والأهواء الشخصية مثل الحب والكراهية وغيرها، إضافة إلى البحث عن الشو الإعلامي والشهرة والترند من قبل القائمين على أغلب هذه المهرجانات!
ومن ثم كان من الطبيعي جدًا أن تلقى هذه التكريمات الغريبة وغير الموفقة انتقادات واسعة من معظم وسائل الإعلام والنقاد ورواد السوشيال ميديا، الذين أصبحوا قوة كبرى لا يستهان بها في صنع كثير من القرارات والتأثير الفعال في تشكيل وصياغة الرأي العام في كل مجالات الحياة على اختلافها.
لا يستحقون
لو قمنا بعمل استعراض سريع للتكريمات التي نالها أهل الفن وصناعه في الأعوام القليلة الماضية، سنجد عدد كبير منها لم يكن في محله على الإطلاق من حيث النجاح والمشوار والعطاء في المجال أو فرع الفن الذي يكرمون عنه.
وأن هذه التكريمات تمت لأسباب دعائية استثمارية لنجومية هؤلاء النجوم بالدرجة الأولى، ومن أبرز الأمثلة في هذا السياق.. تكريم كريم عبد العزيز ومنة شلبي ولبنى عبد العزيز في مهرجان القاهرة للدراما في دورته السابقة العام الماضي، رغم عدم امتلاك هؤلاء النجوم لتاريخ حافل في الدراما التليفزيونية على خلاف ذلك في السينما خاصة كريم الذي قدم 7 مسلسلات ولبنى التي لم تشارك سوى في مسلسل يتيم هو عمارة يعقوبيان عام 2006!
تكريم المخرجة كاملة أبو ذكري ومنحها جائزة فاتن حمامة للتميز من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2022 رغم أن كل رصيدها السينمائي كمخرجة 5 أفلام فقط منهم فيلم مشاركة مع مخرجين آخرين وبعيدة عن السينما منذ 2016!
كذلك الإعلان عن تكريم ليلى علوي بمهرجان المسرح التجريبي العام الماضي قبل أن تعتذر بعد ردود الأفعال المستنكرة لهذا التكريم، كون ليلى لم تقف على خشبة المسرح سوى لمرات قليلة ومن سنوات طويلة ولا علاقة بما قدمته بالمسرح التجريبي، ونفس الحال ينطبق أيضا على الفنان محمود حميدة الذي لاقى تكريمه بنفس المهرجان العام الحالي انتقادات وجدل خاصة بين المسرحيين!
وكذلك لم يسلم إختيار النجم كريم عبد العزيز للتكريم من مهرجان المسرح العربي التابع لأكاديمية الفنون في دورة هذا العام من الانتقاد والاندهاش، كون كريم نجم سينمائي ولا رصيد مسرحي له سوى مسرحية وحيدة هي حكيم عيون في بداياته عام 2001 بطولة الراحل علاء ولي الدين، أخيرًا لم يلق تكريم التونسية درة بمهرجان الأفلام القصيرة جدًا المنعقد حاليًا بالعين السخنة تجاوبا أو ترحيبا من وسائل الإعلام ورواد السوشيال ميديا.
وفي المقابل هناك مجموعة كبيرة من الفنانين أصحاب التاريخ الحافل بالنجاحات في السينما والتليفزيون والمسرح من الأحياء والأموات على السواء لا يلتفت إليهم القائمون على المهرجانات دون أسباب واضحة، اللهم إلا الجحود والنسيان والتجاهل والشللية تلك الأمراض المزمنة التي يعاني منها الوسط الفني بشدة في السنوات الأخيرة!
فعلى سبيل المثال لا الحصر ألا يستحق فنانون من نوعية عبد الرحمن أبو زهرة وخالد زكي وتوفيق عبد الحميد وفاروق الفيشاوي وسعيد صالح وأحمد راتب ومديحة كامل وأمينة رزق وفردوس محمد وماري منيب وعلي الكسار وأنور وجدي ويوسف وهبي وغيرهم الكثير والكثير التكريم في مولد التكريمات التي انتشرت بقوة مع التزايد الكبير في عدد المهرجانات الفنية التي تقام بمصر سنويًا؟!
وقفة حازمة
من الأشياء المرفوضة والظواهر الغريبة التي ازدادت في الفترة الأخيرة، رفض واعتذار بعض الفنانين عن التكريم بلا أسباب منطقية في أغلب الأحيان، سوى الغرور والتعالي والنرجسية التي يشعر بها هؤلاء، فيعتقدون أنهم أكبر من أي تكريم مهما كان!
وهو أمر جد خطير يجب التصدي له بكل قوة وحزم، بداية من وضع معايير فنية وأخلاقية محددة وموضوعية في اختيار من يتم تكريمهم بعيدًا عن النجومية والشو الإعلامي والترند، وهو ما يستلزم أن يكون القائمون على المهرجانات يتمتعون بصفات الحيادية والمصداقية والتخصص في مجالات المهرجانات التي يتولونها.. ومن ثم تأتي التكريمات دقيقة وعادلة تصادف أصحابها تماما.
كما أطالب القائمين على المهرجانات متضامنين بضرورة منع كل فنان يعتذر أو يرفض التكريم بلا سبب قهري وموضوعي حقيقي من التكريم مرة أخرى في أي مهرجان يقام بمصر، حتى نعيد للمهرجانات المحترمة بصفة خاصة قوتها وأهميتها وبريقها الذي تراجع كثيرا في السنوات الأخيرة.
ومن الأمثلة الأخيرة على رفض واعتذار الفنانين عن التكريمات.. إعتذار منة شلبي عن التكريم بمهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الأخيرة التي عقدت أوائل الشهر الماضي بدعوى التزامها بتصوير فيلم خارج البلاد رغم ترحيبها موافقتها على التكريم عند الإعلان عنه.
وإعتذار المطرب محمد منير عن حضور تكريمه في افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية الذي اختتمت فعالياته قبل 10 أيام، بحجة الانشغال بتسجيل أغاني جديدة رغم أنه في نفس التوقيت ظهر بإحدى حفلات الزفاف! والسبب الحقيقي هو رفضه أن يتم تكريمه بالمهرجان مع فنانين آخرين من رموز الفن المصري والعربي.
ورفض النجمة الكبيرة ميرفت آمين التكريم بمهرجان الجونة العام الماضي بسبب مرورها بحالة من الحزن لوفاة صديقتيها المقربتين دلال عبد العزيز ورجاء الجداوي، وقد يكون لها هي فقط بعض العذر في هذا الاعتذار، الذي حاولت النجمة يسرا كثيرًا إثناءها عنه ولكن دون جدوى!