الفن وسنينه
فوضى المهرجانات والتكريمات!
لا شك أنه من أسعد التوقيتات في حياة أي إنسان بصفة عامة وأي فنان بصفة خاصة هو ذلك الوقت الذي يتم الإعلان فيه عن تكريمه، وأعز وأجمل لحظات لديه هي تلك التي يتسلم فيها هذا التكريم، وذلك لأن هذا التكريم يعد اعترافًا وتقديرا من الجهة التي تمنحه لهذا الفنان بقيمته ومشواره ونجاحاته وعطاءاته وتميزه وهو يفوق في قدره ومعناه مجرد الحصول على جائزة عن دور في عمل فني!
وتتضاعف بالتأكيد أهمية هذا التكريم عندما يأتي من جهات فنية ذات ثقل وشهرة ومصداقية، مثل المهرجانات السينمائية الدولية والعربية والمحلية ذات الصفة الدولية، مثل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط، حتى وإن كان قد أصابها الضعف والتخبط وبعضًا من الفوضى في السنوات الأخيرة!
وهذه النوعية من المهرجانات قليلة ومحدودة ولا تقارن بعدد المهرجانات والاحتفاليات التي صارت منتشرة ومتزايدة بصورة غير مسبوقة في مصر حاليًا، وأغلبها للأسف تنظمه جهات وأفراد غير ذات تخصص أو ثقل أو حيثية، تحت مسميات غريبة وعجيبة، وفي أماكن ومدن ليس لها علاقة ولا تفاعل مع مثل هذه المهرجانات التي تعرف بمهرجانات السبوبة!
هدفها الأساسي الشهرة والكسب المادي الكبير والسريع باللعب على الوتر الحساس عند جموع الفنانين والكتاب والمخرجين وباقي التخصصات، وهو حب وعشق التكريمات والجوائز مهما كانت الجهة التي تمنحه!
وهمية وغريبة
ونتيجة لهذا الوضع غير الطبيعي والشاذ والغريب شاهدنا سيل من المهرجانات والاستفتاءات الوهمية، تعطي تكريمات عجيبة لفنانين لا يستحقون في غالبيتهم! منهم وجوه جديدة وشباب ليس لهم تاريخ يذكر، ومنهم من لم يقدم أعمالًا جيدة تستحق التكريم، ومنهم من يتم اختياره لأسباب مختلفة لا مكان فيها لمعايير الموهبة وحجم العطاء في المجال الذي يمنح عنه التكريم والمسيرة الفنية الناجحة!
ومن ثم وجدنا ما يوصف ب فوضى التكريمات والتي أثارت ومازالت جدلًا واسعًا بين رواد السوشيال ميديا وبين النقاد والصحفيين على العديد من التكريمات لفنانين في الآونة الأخيرة.
ليلى ومنة وكريم
من أبرز الأمثلة على غياب المعايير والنظرة الموضوعية في التكريمات الفنية والتي قد تحمل أسباب ترويجية دعائية في المقام الأول، ما حدث مع الفنانة ليلى علوي التي تتمتع بالتأكيد بتاريخ ومشوار فني حافل ونجومية كبيرة، عندما تم الإعلان عن تكريمها في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الأخير وهو ما عبر رواد السوشيال ميديا والنقاد عن دهشتهم من ذلك!
كون ليلى لا تمتلك تاريخًا في المسرح بصفة عامة ومسرح التجريب بصفة خاصة، ولكن خيرًا فعلت ليلى باعتذارها عن هذا التكريم الذي أراه كان لأسباب ترويجية ودعائية للمهرجان، باستغلال نجمومية وشهرة نجمة بحجمها وجماهيريتها!
ونفس الحال مع النجم السينمائي كريم عبد العزيز الذي تم تكريمه بمهرجان القاهرة للدراما العام الماضي، رغم أن رصيده التليفزيوني 7 مسلسلات فقط! وكذلك الفنانة الكبيرة لبنى عبد العزيز صاحبة الأعمال السينمائية الكلاسيكية التي كرمت بنفس المهرجان وهي لم تقدم في مشوارها سوى مسلسل تليفزيوني يتيم هو عمارة يعقوبيان عام 2007!
ونفس المهرجان أيضًا كرم الفنانة منة شلبي التي تعد واحدة من أكثر فنانات جيلها موهبة رغم قلة أعمالها التليفزيونية مقارنةً بالسينما، وفشل مسلسلها الرمضاني الأخير تغيير جو وتعرضها لواقعة خطيرة في نفس التوقيت كادت أن تهدد مستقبلها وتقضي على تاريخها الفني.
غياب المعايير الموضوعية
الواقع أنه ليس الفنانين الذين تم ذكرهم وحدهم لا يستحقون التكريم رغم نجوميتهم الكبيرة إذا كانت هناك معايير موضوعية لهذه التكريمات، فمعظم التكريمات في المهرجانات بمصر في السنوات الاخيرة ذهبت لمن لا يستحق! وكان هناك من هم أولى وأجدر منهم بهذه التكريمات من حيث العطاء والمشوار والمسيرة الفنية بشكل عام..
ولكن تدخلت عوامل أخرى مثل درجة النجومية والشهرة والشو الإعلامي وعناصر الجذب والبروباجندا ومواقع التواصل الاجتماعي التي صار لها تأثير رهيب على صناع القرار في جميع المجالات، إضافةً إلى المجاملات والترضيات إياها!
فضلًا عن عدم تمتع كثير من منظمي المهرجانات وأصحاب قرارات التكريم بالرؤية والتجرد من الميول والأهواء الشخصية، ومن ثم حرموا من يستحق وأعطوا من لا يستحق! وهو ما تعكسه الانتقادات الموجهة للعديد من قرارات التكريم للفنانين وصناع الفن بكافة عناصره من النقاد وحتى رواد السوشيال ميديا!