الفن وسنينه
سلملي على الدريس كود والترند!
الأصل والهدف من إقامة المهرجانات الفنية في كل دول العالم، هو عمل تظاهرات واحتفالات كبيرة وندوات ومناقشات ومسابقات، يجتمع فيها كوكبة من نجوم وصناع الفن بمختلف فروعه، لعرض أحدث إنتاجاتهم من الأفلام أو المسلسلات أو المسرحيات أو الأغاني، والتباري فيما بينهم ليفوز في النهاية من يستحق.. وهذا مهم بالطبع ولكنه ليس الأهم.
فالأهم والفائز الحقيقي هو الجمهور الذي يتابع هذه الإنتاجات وصناعها ونجومها بشغف وحب ويستمتع بها، خاصةً عندما تكون هذه المهرجانات ذات مصداقية وثقل ورسالة، يقوم عليها جهات محترمة ومتخصصة هدفها الارتقاء بمضمون ما يقدم من فن وإثراء الحياة الفنية وخلق حالة من الزخم والوعي عند الجمهور..
ولا تكون هذه الجهات هاجسها الأول والأخير المكسب المادي والشو الإعلامي والإثارة وأهداف أخرى أبعد ما تكون عن الفن وهدفه ورسالته الحقيقية التنويربة في المجتمع؟!.
وللأسف شهدت الساحة الفنية في مصر خلال السنوات العشر الأخيرة ازديادًا مطردًا في في عدد المهرجانات بشكل لم يسبق له مثيل ولا يوجد له مبرر فني في الغالب ولا تنظمه جهات متخصصة لها مصداقية !، بل أن هناك بعض المهرجانات إذا صح أساسًا تسميتها بهذا المسمى تتعارض مع بعضها البعض من حيث النوعية والمسمى والمكان والموعد أيضًا !
يتكالب على إقامتها ثلة من الهواة والمنتفعين غير المتخصصين! وهو ما جعل الكثيرين يطلقون على هذه الاحتفالات مهرجانات السبوبة ! ودفعهم إلى مطالبة وزارة الثقافة بضرورة تفعيل قرار رئيس الوزراء الصادر عام 2018 بإشراف الوزارة بشكل فعلي على المهرجانات الفنية، وإجراء تقييم دوري لها باستمرار للوقوف على أهدافها وأنشطتها وفعالياتها ومصادر تمويلها وأوجه صرفها، من خلال اللجنة العليا الدائمة للمهرجانات برئاسة وزير الثقافة وتضم ممثلين عن 8 وزارات خاصةً وأن مهرجانات السبوبة تلك تسيء إلى سمعة مصر وفنها وفنانيها !.
فنانات الترند
هناك أكثر من 45 مهرجانا فنيًا يتم تنظيمهم بمصر سنويا في مختلف فروع الفن، تستحوذ السينما على نصيب الأسد منها وهو ما يعكس مكانتها، ولكن إذا نظرنا فعليًا إلى المهرجانات السينمائية التي تحظى بالاحترام والتاريخ والمصداقية، فإنها لن تزد عن بضعة مهرجانات قليلة جدًا!
أولها وليس أقدمها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وهو المهرجان الوحيد في الشرق الأوسط الذي يحمل الصفة الدولية المعترف بها من الاتحاد الدولي لجمعيات المنتجين، مهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط وتقيمه جمعية كتاب ونقاد السينما مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما وهو أقدم مهرجان سينمائي في الشرق الأوسط حيث بدأ عام 1952..
مهرجان جمعية الفيلم للسينما المصرية، مهرجان الإسماعيلية الدولي للسينما التسجيلية والقصيرة، ومن المهرجانات السينمائية الحديثة التي أوجدت لنفسها مكانًا بارزًا في السنوات الأخيرة وأثار ومازال جدلًا مهرجان الجونة السينمائي والذي انطلق لأول مرة عام 2017 واختتمت فعاليات دورته السابعة أمس..
والتي أقيمت خلال الفترة من 24 أكتوبر الماضي حتى 1 نوفمبر الجاري وشهد زخما كبيرا سواء من حيث عدد الأفلام التي عرضت وبلغت 55 فيلما طويلًا ووثائقيا و16 فيلمًا قصيرا من 40 دولة، أو من حيث كم الحضور من الفنانين من مختلف الأجيال ومن صناع ومحبي السينما ومن الجمهور من مختلف الأعمار..
ولكن رغم كل هذه الإيجابيات التي تميز بها المهرجان هذا العام واستمراره في تأكيد جدارته والإضافة التي أحدثها في الساحة السينمائية، إلا أنه مازالت لدى أغلب نجمات الفن في مصر من مختلف الأجيال حالة من سوء الفهم والإدراك لمفهوم المهرجانات وأهميتها ودورها في إثراء الفن والارتقاء به وبأذواق الجمهور !
وليس الهبوط بهذه الأذواق إلى أدنى مستوى من خلال التباري والتنافس حامى الوطيس في إرتداء الملابس الجريئة والمثيرة التي لا مكان ولا موقع لها في مهرجان عن جمال فن السينما وليس عن جمال أزياء وأجساد الفنانات، بهدف لفت الأنظار والفوز بالتريند!
وهو ما يسيء للفن والفنانين في مصر وفي رأيي من تتعمد فعل ذلك من الفنانات غالبًا ما تعاني من تراجع أسهمها الفنية والاهتمام الإعلامي بها فتحاول إعادة وطرح نفسها في الصورة من جديد بهذه الطريقة الرخيصة ولكن هيهات أن تفلح فقد لفظ غالبية الجمهور الواعي مثل هذه الأشياء وتجاوزها بل وصارت محل انتقاده واستيائه وغضبه أيضًا! ولهؤلاء الفنانات الجريئات أقول ألعبن غيرها!
دريس كود
خيرا فعلت إدارة مهرجان الجونة في الأيام الأخيرة من المهرجان وقبلها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بمطالبة الحضور من الفنانات بصفة خاصة بضرورة الالتزام بقواعد ال Dress Code المتبعة عالميًا في المهرجانات الفنية، التي تدمج بين ارتداء ملابس رسمية وغير رسمية مريحة وجميلة ومبتكرة وصديقة للبيئة وبعيدة عن الإثارة والعري، وذلك بعدما لاحظت تزايد عدد الفنانات والمذيعات اللواتي يتنافسن في ارتداء الأزياء الغريبة والجريئة بشكل ملحوظ ومستفز.
وأبرزهن رانيا يوسف وإنجي المقدم ونسرين طافش وحلا شيحة والمذيعة إنجي علي!، وتماشيا مع ذلك أطالب القائمين عن المهرجانات المهمة بأن يحذو حذو مهرجان الجونة ومهرجان القاهرة وللتنبيه بحزم بقوة تكرارا ومرارا على جميع الحضور خاصة الفنانات بضرورة الالتزام التام بقواعد الدريس كود.
وعدم توجيه دعوات للحضور الذين لا يطبقون هذه القواعد خاصةً الفنانات اللواتي معروف عنهن حب الإثارة والجري وراء الترند وكسر كل القواعد والتقاليد والأعراف، بما يسيء إلى الفن وجموع الفنانين في مصرنا الحبيبة المظلومة!
كذلك يجب أن يكون للإعلام والصحافة الواعية دور أيضًا في التصدي لمثل هذه الظاهرة الخطيرة ونفس الحال بالنسبة لوزارة الثقافة التي عليها عدم التصريح والموافقة على إقامة مهرجانات جديدة لا هدف لها سوى الشو والإثارة والمكسب المادي بعد أن أصبح لكل مواطن مهرجان! والمراجعة الدورية التقيمية لعمل المهرجانات وأنشطتها وفعالياتها بما يضمن عدم الخروج عن المألوف قدر الإمكان!