قبل فوات الأوان!
الإعلام رسالة قبل أن يكون وظيفة أو أكل عيش؛ ينشر القيم الأخلاقية الرفيعة ويحض على العمل الإيجابي بهدف خلق حالة استنارة ووعي يحمي المجتمع ويحصنه ضد الرذائل والشرور.. عرفناه ناشرا لقيم الجمال والرقي والعفة والصلاح، وعرفناه مستضيفًا للنماذج المشرفة التي يمكنها أن تضيء للأجيال الشابة طريق الحياة الصعبة يستنهض همتهم ويأخذ بأيديهم وينشر الأمل في نفوسهم والولاء لوطنهم..
عرفناه ساحة للإبداع يتربع على عرشها مثقفون وطنيون ومحترفون يأخذون بأسباب العلم وقواعده وتقاليد المهنة وأخلاقياتها.. يراقب أداء الحكومة والبرلمان بوصفه عينًا للشعب الذي هو وحده السيد وصاحب الحق في محاسبة نوابه ومساءلة حكومته إن حادت عن جادة الصواب.
الإعلام لم نعرفه منبرا لتبرير الخطايا ولا نشر الرذيلة وتسليط الضوء على السقطات والخطايا الاجتماعية كما يحدث في برامج جرى إيقاف بعضها أخيرًا في صحوة مشكورة للمجلس الأعلى للإعلام الذي نرجوه أن يتابع أولًا بأول قنوات كثيرة يروج بعضها للخرافة وبعضها لمنتجات طبية لا تمت للواقع ولا المنطق ولا العلم بأدنى صلة.
فثمة برامج طفحت في الآونة الأخيرة بسقطات تخدش الحياء العام وتتحدى قيم الإعلام وثوابت المجتمع باستضافة إحدى البلوجرات التي تم تسريب فيديو إباحي لها على مواقع التواصل تداوله الملايين وأثار غضبًا مجتمعيًا..
والغريب أن البرنامج الذي استضافها لم يكن مبرره كشف حقيقتها ولا إحراجها أمام الرأي العام حتى تكون عبرة لغيرها ووقتها كان يمكن أن يتقبله البعض، ولكنه استضافها بهدف تبييض وجهها وإخراجها منتصرة من أزمة الفيديو الإباحي، ومنتصرة على القيم الاجتماعية والثوابت الأخلاقية..
فهل هذه هي رسالة الإعلام.. وهل هذه هي القيم التي أراد صناع هذا البرنامج وما على شاكلته أن يغرسوها في الأجيال الجديدة.. هل هكذا تبنى الأمم وتتقدم الشعوب وتتخلص من تخلفها وأمراضها المزمنة..
فإذا لم تكن استضافة أمثال هذه النماذج المنحرفة تحريضًا على الرذيلة فماذا تسمى؟! هل عقمت أفكار صناع هذا البرنامج أن تبدع أفكارًا خلاقة تستعيد الأمل في نفوس شباب محبطين، وتحرض على الإبداع وحفظ حقوق الأجيال الجديدة..
كل التقدير للقائمين على المجلس الأعلى الإعلام الذين نتمنى أن يبادروا بفحص محتوى البث التليفزيوني الذي يمثل بعضه خطرًا حقيقيا على الأجيال الجديدة لاستدراك هذا الموقف قبل فوات الأوان!