تجديد الخطاب الوطني.. فريضة
السادس من أكتوبر يوم العزة ويوم الكرامة ويوم شموخ الرأس، السادس من أكتوبر يوم الجيش والشعب والقيادة، يوم بطل الحرب والسلام أنور السادات.. يوم المشير إسماعيل على، يوم الفريق حسنى مبارك قائد الطيران المصرى، يوم المشير عبد الغني الجمسي، يوم الفريق محمد علي فهمي قائد الدفاع الجوي الأسطورة، يوم الفريق سعد الدين الشاذلي، يوم أبطال الجيشين الثاني والثالث..
السادس من أكتوبر يوم العبور من اليأس إلى النصر، من الظلمة إلى النور، من الحزن إلى السرور، يوم أبطال المخابرات العامة، ويوم رجال المخابرات الحربية والاستطلاع، ثم هو يوم الإعلام المصرى في أوج نضجه ونزاهته وصدقه، يوم الدكتور عبد القادر حاتم أبو ذلك الإعلام الشريف المبني على العلم لا الجهل والتسطيح، أقول ذلك الإعلام إشارة إلى ما كان، أما الآن فندعو لإعلامنا بالعودة من القبور!
السادس من أكتوبر هو يوم هزيمة الجيش الذي لا يقهر، هزيمة أفقدته توازنه في ست ساعات، عاش جيلنا مرارة الهزيمة في خمسة يونيو 67، وعاش بطولات حرب الاستنزاف من 67 حتى 1970، ثلاث سنوات من البطولات..
كانت جزءا أصيلا من حرب أكتوبر، عشنا على الراديو الترانزستور نتابع بيانات عبور قوة خاصة خلف خطوط العدو الإسرائيلي، ونسهر حتى نطمئن أنها عادت سالمة، ونعرف ماذا كبدت العدو. كنا الجيش المصرى كله، كان عدد السكان أقل من أربعين مليونا، كانوا على وتر واحد، الأخذ بالثأر ورد الاعتبار.
اليوم تحتفل مصر بجيشها الباسل العظيم، قويا حديثا جديدا متطورا، مجهزا بأحدث الأسلحة مدربا على أعلى المستويات، محترما مقدرا بين جيوش الأمم، نعيش في سلام منذ نصف قرنٍ لأن القوة تردع العدوان وتمنع الأطماع، الضعف يغري بالعدوان.
نعيش اليوم مشاعر رائعة، ومشاعر حزينة، تختلط الدموع بالابتسامة، إذ نرى العرب فى نكبة وفي فرقة، لتداعي قوة الدولة الوطنية وبروز قوة الجماعات المسلحة شبه الرسمية، المليشيات، الدولة التى تنشأ فيها ميليشيات تناوئها السلطة هي دولة مستضعفة، قرارها بيد غيرها.
السودان ولبنان واليمن وفلسطين، مع تقديري لأعمال المقاومة ضد المحتل النازي الهمجي الإسرائيلي، تحركت القوة البديلة عن سلطان الدولة بمعزل عن مصالح الأغلبية العظمى في شعوب تلك البلدان..
هزمنا إسرائيل لأن سلاح الدولة هو السلاح الأوحد، وقرار الدولة هو القرار الأوحد، لا جيش مواز، ولا سلاح يناهض سلاح الجيش، ويرجع الفضل في هذا كله لعقيدة متأصلة في عقل الشعب وهو أن الشعب نفسه جيش، وأنه فخور بتقديم أولاده للكليات العسكرية سنويا.
خدمة الوطن شرف، والدفاع عنه شرف لا يضاهيه شرف، والحق الحق أننا بحاجة إلى تجديد الخطاب الوطنى كل فترة لتجديد مشاعر الانتماء وتحفيزها، وليظل الشعور الوطنى ساخنا، حاضرا، بذلك يتعمق الإحساس بالمسئولية، وينمو الوعي ويدرك الناس حجم الخطر المحدق بنا نارا من كل الجهات..
عاش الرجال، كل رجال أكتوبر، وعاش الرجال كل رجال قواتنا المسلحة.. نحن المائة مليون مواطن جيش كامل العدة والوطنية، صباح النصر يا مصر.