الإعلام وتوريط الدولة!
فيما تتأجج النيران من حولنا شرقا وغربا وجنوبا، وتنطلق الصواريخ في سموات دول عربية منها وإليها، وفيما تلعب أمريكا دور المنافق بجلاء، تمنح السلاح الفتاك وتدعو إلى وقف قتل المدنيين وإنهاء الحرب، وفيما يتحدث رئيس الوزراء عن إقتصاد حرب محتمل، ومن قبله، يستعرض الرئيس عبد الفتاح السيسي قوات الفرقة السادسة من الجيش الثاني الميداني بكامل عدتها وعتادها، فيما يحدث هذا كله نرى في الإعلام المصرى عجبا لا يمكن إغفاله أو السكوت على الدور الأحمق الذي يلعبه، كأنما النيران من حولنا نار يطلقها أحد الحواة في سيرك شعبي!
من الواجب التبصير والتطمين، تبصير الناس بالخطر، وطمأنتهم إلى جاهزية الدولة، بكل مؤسساتها، ومن الواجب تعريف الخارج بالقوة المتاحة، وهذه كلها بديهيات أداء وقت المخاطر الكبرى المحدقة بالبلاد.. فماذا يفعل إعلام مصر؟ هل ينفذ سياسة مدروسة وفق خطط مسبقة الإعداد، مرنة في مواجهة المتغيرات؟ هل قام أحد فاهم في الإعلام بتلقين مذيعي الموالد هؤلاء أننا لسنا ذاهبين إلى الحرب!
بعبارة أوضح يبدو الإعلاميون الحواة كأنهم يحببون إلى الحرب، وهنا نلطم لطم الحسرة، إذ تتصرف القيادة السياسية بعقل وحكمة وحنكة، ويتصرف الإعلام كأنه داعى قتال، محرض عليه!
الشعارات الهبلة مثل قرب وجرب، وتلعيب الحواجب كالنسوان في حارة بلدي، وبث الإحساس بأن مصر يمكن أن تحارب، ظواهر مخجلة، ولا علاقة لها أبدا بما يجب أن يفعله إعلام دولة هي فاعل أصيل ورئيسي في عملية البحث عن وقف النار وإرساء السلام.
جاهزون نعم. نطمئن الناس أننا كذلك نعم، أما خلق أجواء تحريضية أشبه بما سبق الخامس من يونيو عام 1967، وإعادة تدوير تراث أحمد سعيد مذيع الهزيمة الكاذب، فهذا مما يلقي بضغوط على القرار السياسي الذي يتصرف حتى اللحظة بكياسة ووفق أهدافه وسياساته التى لا تغيب عنه، وهي أننا نقاتل فقط حين يعتدي الإسرائيليون أو غيرهم علي حدودنا.
عصر التورط بحماقة انتهى. عصر الحشد والصراخ الإعلامي انتهى. نحن دولة قوية، مجهزة بأحدث الأسلحة، ولنا معاهدة سلام مع العدو، ولنا دور دولي فاعل في الحفاظ علي السلام والمشاركة في الاستقرار، هو دور تقدره الدول الأوروبية، وتستلزمه أحلام البناء والتعمير والتنمية التى تحرك في جوهرها القرارات المصرية المصيرية.
الخلاصة، الرئيس يتصرف بحكمة لا يعكسها إعلام الدولة، ولا حتى المحسوبون على الدولة.