رئيس التحرير
عصام كامل

أجواء 1967

لماذا قال الرئيس إننا نعيش أجواء 1967م ؟ وهل نحن مهزومون الى هذا الحد؟ ومن الذي هزمنا؟ ومن انتصر علينا؟ في العام 1967 م ووفق كل الشهادات لم يهزمنا جيش الاحتلال، بل هزمنا أنفسنا بأنفسنا، هزمنا أنفسنا عندما أوكلنا الأمر إلى غير أهله.


في العام 1967م كانت مقاليد الحكم بيد فرد فرض علينا ما يراه، ولم يكن لنا أن نرى غير ما يراه، فكانت الطامة الكبرى عندما قال عبد الناصر لعامر: هل أنت جاهز للحرب؟ فكان رده: رقبتي ياريس، وجاءت الحرب ولم نجد للمشير المزعوم رقبة ولا رأس أصلا.


في العام 1967م كان كل شيء قبل الحرب يشي بهزيمتنا، فقد كانت الأمور كلها في غير موضعها، وكانت الصلاحيات ليست لغير الرئيس وشلته، أو مجموعة الرئيس ومجموعة المشير، جرى تغييب الشعب تماما بمجلس نواب ملاكي، ومؤسسات كلها تدين لأحد الرجلين فكانت الهزيمة النكراء.


في العام 1967 م تركنا أمورنا لغير العلم والعمل، وتواكلنا على رؤي أحادية اضاعت البلاد والعباد، وأصبحنا بين ليلة وضحاها في خبر كان، ودفع الشعب الذي جرى تغييبه الثمن كاملا، وعانت البلاد والعباد من هذا الثمن لعقود طويلة، رغم أننا طوينا صفحة الهزيمة بانتصار عظيم كتب في تاريخ العسكرية الإنسانية.


في العام 1967 م حكم البلاد خليط من هواة مع قلة من أصحاب الأحلام الوطنية، فكانت التجربة مزيجا من مغامرات جمة وقليلا من انتصارات، وكثيرا من كبوات لم نفق منها إلا بعد عشرات السنين، ومازلنا حتى اليوم نتجرع مرارة الذكرى كلما أهلت علينا، وما أمر تلك الذكرى على نفوسنا.


في العام 1967 م كان الضجيج بلا طحن، وكان صوت الإنجازات أعلى من الإنجازات نفسها، وعشنا وهما تحت عناوين براقة، لم تشف لنا غليل، عندما استقيظنا ذات يوم وقد فقدت بلادنا مساحة من أرضها، وفقد شبابنا الإيمان بأننا نستطيع وكان ما كان.


في العام 1967م كنا بجهل ودون عمل نبحث عن أي البحرين سنلقي بإسرائيل فيه، فجاءت الحرب ولم نلق بمن كان وراء الخيبة والندامة والهزيمة في أي بحر، ولم نحاكم أحدا ولم نفتح تحقيقا شفافا في هذا الأمر حتى اليوم، فهنأ بيننا خونة ومهملين وهواة وكذابين دون أن ترى الأجيال الحقيقة كاملة.


في العام 1967م استفاق المثقفون على صدمة مزلزلة وانتحر من انتحر، ومات من مات، وعاش معظم الباقين في حالة موات فكري ودماغي، لم يفيقوا منها إلا بعد انتصار أكتوبر، غيرأنهم لم يعودوا كما كانوا، وفي ذات العام وضع اسم مصر بين المهزومين المأزومين، ولم تقم لنا قائمة بعد هذا التاريخ.

 


لست أدرى لماذا قال الرئيس إننا نعيش أجواء 1967م في احتفالية المجتمع المدني والقبائل العربية بانتصار أكتوبر؟ ولا أعرف ما هى الحرب التي هزمنا فيها؟ ومن يقف وراء هزيمتنا؟

 أظن أن الفارق بين أي هزيمة عشناها سابقا وبين أجواء اليوم أننا اليوم لسنا في ذات اللحمة الوطنية التي كنا عليها، وهذا هو مربط الفرس وهذا ربما سيكون سبب الهزيمة.

الجريدة الرسمية