على مكتب وزير التربية والتعليم
إذا أردت أن تعرف كيف يصبح الفساد غولا ينهش في لحم هذا الوطن فاقرأ تلك السطور ووقائعها، وأبطالها موظفون بوزارة التربية والتعليم وبالتحديد في إدارة التعليم الخاص بالوزارة، حيث يصبح من تسول له نفسه أن يستثمر في التعليم الخاص في مرمي نيران الفساد الإداري غير المسبوق.
تبدأ الحكاية ولا تنتهي عند مكتب السيدة إيمان صبري المشرف على إدارة التعليم الخاص، وهي بالمناسبة خرجت إلى التقاعد منذ عامين، ويصدر لها أغرب قرار للمد رغم كل ما تحظى بها إدارتها من مخالفات تصب كلها في خانة مطاردة المستثمرين، تحت شعار تأديب وتهذيب أصحاب المدارس الخاصة، ومن لا يعجبه فليضرب رأسه في أقرب جدار أو يشرب من ترعة الصرف الصحي.
مدرسة «القادة للغات» واحدة من المدارس الخاصة التي بدأت عملها مبكرا، وحصلت على كل الموافقات وسافر خريجوها إلى أعرق جامعات العالم، لتفاجأ إدارة المدرسة بقرار متعنت يصفها بأنها تعمل دون ترخيص، وهي التي خرجت أجيالا وراء أجيال واتضح من القرار إن هناك شيئا ما خفيا لا يعلمه أحد إلا مسئولة التعليم الخاص بالوزارة.
أمام هذا التعنت لجأت المدرسة إلى القضاء الإداري، واعترف محامي الدولة أمام المحكمة أن المدرسة حاصلة على كل التراخيص اللازمة، وصدر حكم قضائى نهائي وبات بأن المدرسة تعمل وفق القوانين والمعايير التي تفرضها القوانين واللوائح فماذا قال القاضي في حكمه؟
قال تقرير المفوضين: "وكان الثابت أن مدرسة القادة للغات قد تقدمت بطلب بتاريخ 14 أغسطس من العام 2006 للموافقة على فتح قسم أمريكي من رياض الأطفال وحتى مرحلة التعليم الأساسي، وذلك توفيقا لأوضاع المدرسة -حسبما يبين من صورة الخطاب الصادر عن رئيس الإدارة المركزية للتعليم الثانوي والمتضمن عدم الممانعة من تدريس المدرسة الدبلومة الأمريكية لطلاب مرحلة التعليم الأساسي، كما ذكرت المدعية بصفتها– بعريضة دعواها أن المدرسة قد استوفت المستندات وتوافرت بها الشروط والضوابط المتطلبة للحصول على ترخيص بفتح قسم أمريكي لمرحلة التعليم الأساسي طبقا لقانون التعليم رقم 139 لسنة 1981م وقرار وزير التعليم رقم422 لسنة 2014م.
وكانت جهة الإدارة لم تدحض كما لم تقدم ما تثبت به عدم استيفاء المدرسة للشروط المتطلبة قانونا للحصول على مثل هذا الترخيص، هذه فضلا عن عدم تقدمها بما يفيد سبب عدم منح المدرسة هذا الترخيص، إذ اقتصر ما تقدمت به الجهة الإدارية على حافظة مستندات مفادها قيام المدرسة بتدريس المنهج الأمريكي لطلاب مرحلة التعليم الأساسي، وأن ذلك قد تم في الفترة من 2011 وحتى 2022م تحت علمها وإشرافها.
بل اعتمدت لها سجلات الطلاب ونتائجهم وشهادات قيدهم والمصروفات الدراسية لهم، وهو ما تقوم معه قرينة بصحة ما تدعيه المدعية باستيفائها الشروط اللازمة للحصول علي هذا الترخيص، ومن ثم يكون امتناع جهة الإدارة عن اصدار الترخيص للمدرسة بتدريس المناهج الامريكية لمرحلة التعليم الأساسي على النحو السابق بيانه يشكل قرارا سلبيا – طبقا للمفهوم الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة– مما يجوز الطعن عليه بدعوى الإلغاء.
الأمر الذي نرى معه، والحال كذلك، التقرير بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إصدار ترخيص لمدرسة القادة للغات بتدريس المناهج الأمريكية لمرحلة التعليم الأساسي.
ومن أجل ذلك صدر حكم المحكمة البات والنهائي بحق المدرسة في إصدار الجهة الإدارية ترخيص للمدرسة غير أن الجهة الإدارية وهي وزارة التربية والتعليم تقول على لسان مسئوليها إنها لا تنفذ أحكام محكمة القضاء الإداري، وهو أمر غريب وشاذ وغير منطقي.
المدرسة مهددة بالتوقف النهائي عن أداء دورها التعليمي والاجتماعي بسبب تعنت السيدة إيمان صبري المحالة على المعاش منذ عامين، ولا تزال تمارس عملا إداريا يستلزم قانونية إصدارها قرارات، وهو أمر يجافي القانون ويخالفه ويؤدى إلى تداعيات كارثية.
والخلاصة، أن استثمارات تفوق المليار جنيه مهددة بالتوقف، إضافة إلى أن عدد العاملين المهددين في أرزاقهم يفوق تصورات السيدة إيمان صبري، والحل يكمن في وزير التربية والتعليم الذي يجب أن يضع حدا لهذه المهزلة القانونية والإنسانية والاقتصادية التي تحيط بمؤسسة تعليمية كبيرة.