رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا لم يرد مدبولي على نتنياهو؟

وقف بنيامين نتنياهو مهزوزا، مسحوقا، مهزوما أمام خارطة لقطاع غزة الأبي، يمسك بيده بعصاة يبحث فيها عن طوق نجاة لخيبته وهزيمة كيانه المحتل أمام صمود وإرادة أبطال المقاومة، الذين يواجهون أعتى أسلحة أمريكا وإنجلترا وفرنسا ثالوث الشر في العالم بصدور عارية.


وقف الرجل يهزي بكلمات بدا منها أنه مثل سحرة الموالد، يريد أن يمرر واحدة من أكاذيبه التي اعتاد عليها لسنوات طوال فلم يكن له إلا هذه الضربة الموجعة التي تلقاها في السابع من أكتوبر، وبدلا من أن يخرج من باب الحياة السياسية الخلفي الذي يخرج منه المهزومون اختار أن يتمسك بوهم ممر صلاح الدين.


وكما لو كان في رقصة استربتيز سياسي عارية وقف يكيل لمصر الكيل باعتبار أن ممر صلاح الدين هو أنبوب الأوكسجين للمقاومة في غزة، متجاهلا تحقيقات جرت داخل جيش الاحتلال وأثبتت أن رجال المقاومة اخترقوا جيشه واشتروا أسلحة من ضباطه وجنوده.


وفي نزعه الأخير لم يستطع أن يقول صراحة إن القاهرة متورطة في تسليح المقاومة، وهو بالمناسبة شرف لا يضاهيه شرف، ولو كنت صاحب قرار لفعلت ذلك عن رضا، غير أن الدولة المصرية تحترم تعهداتها ولا تفعل ما يفعله صبية في جيش كيانه المحتل.


لم يقل نتنياهو إلا بالإشارة أن خروج الكيان المحتل من ممر صلاح الدين كان كارثة عليه وعلى كيانه المحتل، حيث تسرب العتاد والسلاح منه إلى أبطال المقاومة الأبية الذين يقدمون يوميا فصولا من البطولات أعادت إلى الذاكرة الإنسانية حكايات المقاومين الأبطال علي صفحات النضال من أجل التحرير.


لم يشر نتنياهو إلى تورط جيشه تاريخيا في قضايا تهريب سلاح وبيعه إلي المقاومة الفلسطينية، وقد شهد الرئيس الراحل مبارك على الهواء مباشرة أمام العالم كله بواقعة قال فيها للراحل ياسر عرفات "طالما توفرت لديك الأموال فأنت تعرف من أين تأتى بالسلاح"، في إشارة واضحة إلى تعامل ضباط من جيش الاحتلال في تهريب السلاح.
 

وبعيدا عن إيران وما قيل عنها وما نسب إليها من شرف تسليح المقاومة، وبعيدا عن فكرة ممر صلاح الدين التي يتهافت عليها نتنياهو، فإن رجال السياسة والعسكرية في العالم يدركون أن قضية توفير السلاح وتهريبه وتوصيله "دليفري" حتى باب الدار، مسألة سهلة وليست معقدة كما يحاول نتنياهو تصوريها للعامة.
 

وبدلا من أن يعترف أن القاهرة التي تقف "شوكة" في حلقه وحلق قومه كانت سباقة في حماية حدودها على مدار سنوات طوال مضت، اختار أن يروج للمهزومين من أتباعه رواية ممر صلاح الدين لعله يجد فيها منفذا للعبور إلى وهم البقاء على قيد الحياة، بعد أن كتب الله عليه ذل الهزيمة والانسحاق.
 

وكم كنت أتمنى أن يخرج علينا الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء في مؤتمر صحفي بديلا عن مؤتمر وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي لإخراس نتنياهو والرد على أكاذيبه بل وتهديده بأن البقاء في ممر صلاح الدين خط أحمر للقاهرة وهو ما لم يحدث للأسف الشديد.

 


وأمثال نتنياهو يختبئون خلف روايات من اختراعهم، ثم سرعان ما يصدقونها حيث لم يكن أمامه وهو الذي ينتظره مستقبل أسود يعيش بدايات فصوله الآن، وتاريخ يجهز له مقعدا متسعا من الخزي والعار، وصفحات ستروى للأجيال القادمة حول أحقر قاتل أطفال في التاريخ الإنساني- لم يكن أمامه- إلا التعلق "بقشاية" وقد وجدها في أكذوبة ممر صلاح الدين.

الجريدة الرسمية