رئيس التحرير
عصام كامل

المسكوت عنه في أزمة فيلم الملحد! (1)

أثار ومازال منع عرض فيلم الملحد الذي كان مقررًا له الأربعاء الماضي، جدلًا واسعًا في الأوساط الفنية والصحفية والإعلامية وبين رواد السوشيال ميديا، الفيلم تأليف إبراهيم عيسى وبطولة محمود حميدة وأحمد حاتم وحسين فهمي وصابرين وإخراج محمد العدل.. 

 

حيث يرى المدافعون عن الفيلم وهم الأكثرية أن هذا القرار وإن كان غير معلن بشكل رسمي حتى الآن، بمثابة ردة مفاجئة وضربة قاتلة لحرية الفن والإبداع في مصر تنذر بعواقب خطيرة مستقبلًا، ما لم يتم الرجوع عن هذا القرار فورًا والسماح بعرض الفيلم، خاصةً وأنه قد تمت إجازته والتصريح بعرضه من الرقابة على المصنفات الفنية بعد 3 سنوات من المشاكل والنقاشات والتأجيلات..

 

ورغم نفي منتج الفيلم أحمد السبكي لصدور قرار بمنع الفيلم وتأكيده على تأجيل عرضه فقط لعدم اكتمال مراحله الفنية، وأنه سيعرض نهاية الشهر الجاري، إلا أن مخرجه محمد العدل كتب منشورًا على صفحته على الفيسبوك يعتذر فيه لكل من دعاه للعرض الخاص للفيلم الذي لم تتم إقامته ويكشف عن أن كل المراحل الفنية للفيلم انتهت وصار جاهزا للعرض ويتساءل في حيرة شديدة عن سبب عدم عرضه الذي لا يعلمه سوى رئيس الرقابة الدكتور خالد عبد الجليل..

 

خاصةً أن الفيلم حصل على موافقة وإجازة الرقابة بل وتمت الإشادة به من خلال ما كتب في الورقة الأخيرة من تقرير الرقابة 'الفيلم لا يسيء إلى الدين الإسلامي قط بل يكشف الحجاب عن بعض الذين يفسرون الإسلام على أهوائهم'.


أولاد حارتنا والحسين ثائرًا

ومن جانبه اعتبر مؤلف الفيلم إبراهيم عيسى أن قرار المنع أشبه بما حدث مع الأديبين العظيمين نجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوي، بمنع رواية أولاد حارتنا للأول ومسرحية الحسين ثائرًا للثاني، مؤكدا أن الفن أقوى من المنع أقوى من أي شيء حتى الرصاص والموت، ومن خاف على الله هلك ومن خاف من الله نجا.


في حين يقول المعارضون للفيلم إن هذا الفيلم ليس من الفن في شيء وإنه يسيء إلى الإسلام ويهدف إلى نشر الإلحاد في المجتمع!


ومن ثم أقام بعض هؤلاء دعاوى قضائية لمنع عرض الفيلم وتداوله في مصر وخارجها وسحب ترخيصه، وقد تحدد يوم 24 من الشهر الجاري موعدًا لنظر هذه الدعوى، كما تقدم أحد المحامين بإنذار لوزير الثقافة بصفته الرئيس الأعلى للرقابة يطالب فيه بتغيير اسم الفيلم الذي كما يقول يعطي للملحد كيانًا وتواجدًا لا يستحقه ابتدعه صناع الفيلم لأسباب تجارية رخيصة.


ليس دفاعًا عن الملحد

في الحقيقة أنا لست من المعجبين بكتابات الكاتب إبراهيم عيسى رغم كونه من زملاء الدراسة بكلية الإعلام، خاصةً في السنوات الأخيرة التي غير فيه نهجه وأسلوبه وأهدافه وابتعد عن الصحافة وتفرغ للبرامج التليفزيونية والإذاعية، والتي أطلق فيها التصريحات المثيرة للجدل لاسيما التي تتعلق بالدين وثوابته وأحاديث الرسول ومعجزة الإسراء والمعراج وبعض علماء الحديث كالبخارى، كذلك أنه ليس متميزًا في كتابة السيناريو والحوار في السينما وأعماله السابقة خير دليل على ذلك.


ولكن رغم كل ذلك فأنا لست مع منع عرض فيلم الملحد ولا مع منع عرض أي فيلم طالما حصل على موافقة الرقابة وإجازتها، وفقًا لمعاييرها وضوابطها وقوانينها! فالتراجع في هذه الحالة يصبح عبثًا ولا معنى أو مفهوم له! 

 

خاصةً في مثل وضع هذا الفيلم الذي تأجل لمدة 3 سنوات ولأسباب مختلفة، وظلت تدور نقاشات ومفاوضات حوله في الرقابة لعدة شهور حتى تم التصريح بعرضه مؤخرًا، وبناءًا على ذلك تم الإعلان من قبل منتجه عن موعد طرحه بدور العرض، وأطلقت وسائل الدعاية له بالشوارع والمحطات الفضائية منذ أسابيع، وتم تحديد موعد العرض الخاص به ودعوة الصحفيين والاعلاميين والفنانين! 

 

إذن ماذا حدث في الكواليس خلال الأيام القليلة الماضية حتى يتم الإعلان عن تأجيله فجأة من قبل المنتح لأجل غير مسمي حتى الآن؟! وهو ما كلف المنتح خسائر مادية ضخمة جراء إنتاجه ودعايته
وكلف الفن وحرية الإبداع خسائر أكبر بكثير!


وأساء بالتأكيد إلى سمعة هذا الفن وحرية الإبداع في مصر في الأوساط الخارجية، وكان من الأحرى بالرقابة إذا كانت ترى أن فيلم مثل الملحد يسيء إلى الدين وثوابته أن ترفضه في مرحلة السيناريو أو تطلب تعديلات عليه حتى يتوافق مع معاييرها الدينية وقوانينها، بدلًا من الذي حدث ووضعنا في مثل هذه الأزمة التي ليس لها لازمة!
 

 

وإلى اللقاء في المقال المقبل لاستكمال الحديث عن هذه الأزمة وتحليل الأسباب الحقيقية لها، والتي دفعت الرقابة على المصنفات الفنية إلى منع عرض الفيلم قبيل ساعات من عرضه، رغم إجازته والتصريح بعرضه من قبل!

الجريدة الرسمية