الحياة والموت!
قبل أسبوع فقدت آخر إخوتى.. أختى الأصغر.. والموت كان دوما حاضرا وبقوة وبقسوة في حياتى، يخطف الأحبة أحيانا بعد معاناة مع المرض، وأحيانا أخرى بشكل مفاجئ وصادم.. ففى طفولتى اختطف أمى.. وفى شبابى اختطف والدى..
وعلى مدى العمر اختطف كل إخوتى، واحدة بعد الأخرى، وواحدا بعد الآخر.. واختطف رفيقة العمر زوجتى.. وكأنه أراد أن يؤكد ما هو مؤكد لى أنه، أى الموت، يمثل الحقيقة المطلقة الوحيدة في الحياة، وكل شىء آخر عداه في الحياة نسبي وغير مؤكد، بدء بالميلاد، ثم الرزق، والصحة والعافية!
وعندما اكتشفت في خريف عام 2018 إصابتى بمرض السرطان صرت أنتظر الموت في أى وقت.. فهذا مرض خطير ومميت، وحتى إذا تحقق الشفاء منه فإن عودته أو ارتجاعه كما يقول الأطباء يظل احتمالا قائما لنحو خمسة أعوام بعد إنتهاء العلاج الذى تنوع بالنسبة لى ما بين العلاج الجراحى والعلاج الكيماوى والعلاج الإشعاعى، وكان شديد الصعوبة لشدة آثاره الجانبية.
ولأننى صرت أنتظر الموت في أى وقت قررت أن أستثمر كل لحظة حياة يهبها الله لى.. ووجدت أن أمتع وأثمن استثمار لى هو الاستمرار في الشىء الذى أهواه منذ الصغر وأحقق ذاتى فيه، وهو الكتابة..
الكتابة الصحفية يوميا وأسبوعيا في عدة إصدارات، وإعداد كتاب جديد كل عام الآن يتناول أهم قضايا وأمور حياتنا، اقتصاديا وسياسيا، لأننى آليت على نفسى منذ بداية عام 2011 أن أتحرى وأتعقب ما يحدث لنا بالمعلومات الصحيحة والمدققة لأضع تحت أيدى من سيقومون بكتابة التاريخ ما يساعدهم على إتمام مهمتهم بدقة وصدق..
وقد بدأت هذه المهمة بكتاب (الساعات الاخيرة من حكم مبارك)، وتوالى إصدار الكتب وأنتظر قريبا صدور كتابى الجديد (صناعة الغلاء في مصر)، وأخطط الآن للشروع في إعداد كتاب (شخصيات عرفتها)، وهى شخصيات سياسية بالطبع.
وأرجو أن أظل شاهرا قلمى حتى آخر لحظة في حياتى.