نواب عن شروط صندوق النقد الدولي: لا يتحملها المواطن البسيط.. ويجب البحث عن بدائل
لم يغفل مجلس النواب، ملف الاقتراض والذي أثار غضب عدد كبير من الأعضاء أثناء مناقشة الموازنة العامة للدولة، وكذلك الحسابات الختامية، محذرين من التوسع في هذا الأمر، وما يترتب عليه من مشكلات اقتصادية كبيرة يدفع فاتورتها المواطن البسيط.
وتضمنت التوصيات التي وافق عليها مجلس النواب أثناء مناقشة موازنة العام المالي الحالي 2022 /2023، أهمية العمل على تنظيم الاقتراض الخارجي والحد منه والإدارة الجيدة لملف الدين العام.
جاء ذلك اتساقا مع ما جاء في تقرير لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، والتي قالت: واقع الأمر يحتاج إلى مزيد من الضبط والترشيد في ظل زيادة أعباء الدين العام من فوائد وأقساط، بالرغم من صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٢٠٠٣ لسنة ٢٠١٨ بتشكيل لجنة في هذا الشأن.
وشدد مجلس النواب في توصياته للحكومة، ضرورة التزام وزارة المالية بالتعديلات التي أجرتها اللجنة على مشروع الموازنة العامة للدولة بعد موافقة مجلس النواب عليها، كما أوصت الحكومة بوضع خطط اقتصادية واجتماعية بديلة لكل الاحتمالات الممكنة فى ظل عدم وضوح الرؤية للمسارات الاقتصادية العالمية بعد الأزمة الروسية الأوكرانية.
لجنة القروض
وأمام اعتراضات أعضاء مجلس النواب، أكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أمام المجلس، أنه تم تشكيل لجنة برئاسة وزير التخطيط، وعضوية الجهات المعنية بشأن ملف القروض ليكون في أضيق الحدود، موضحا أن اللجنة مختصة بدراسة المشروعات التي لها الأولوية في الاقتراض، مثل المشروعات القومية ومشروعات البنية التحتية.
من جانبه أشار النائب ضياء الدين داود، إلى أن قيمة فوائد القروض المسددة ارتفعت من 85.1 مليار جنيه وتمثل 21.2% من المصروفات فى موازنة 2010/ 2011، إلى 690.1 مليار جنيه والتى تمثل 33.3% من مصروفات الموازنة للعام المالى 2022/ 2023.
وأكد عضو مجلس النواب، أنه فيما يتعلق بقرض صندوق النقد الدولي 2016 تعهدت الحكومة بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار، والاستمرار فى الخصخصة وبيع الأصول والتحول من ضرائب المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة وتعديل تشريعات الخدمة المدنية والتأمينات الاجتماعية، وقانون العمل، وانسحاب الحكومة من الأنشطة الاقتصادية ومنح حصة أوسع للقطاع الخاص، والتوسع فى المزايا والإعفاءات للمستثمرين، وفرض سياسة للحماية الاجتماعية لحماية من يسقطون تحت خط الفقر بعد تنفيذ روشتة الصندوق.
وحذر النائب من أن الإشكالية لا تتمثل بقيمة القرض إن كان 3 مليارات أو 12 مليارا، ولكن المشكلة فى الشروط والمتطلبات التى يحتاجها الصندوق وانعكاساتها على الفقراء ومحدودي الدخل من المصريين.
وأوضح ضياء داود، أن الموازنة تعتمد في تدبير ما يقرب من نصف مواردها على القروض المحلية والخارجية، حيث يتم استخدام الاقتراض وإصدار الأوراق المالية "أذون الخزانة" والتى يتم استخدامها لتغطية العجز ونقص الإيرادات الحقيقية المحصلة.
أقساط الديون
وقال عضو مجلس النواب: لا يتوقف الأمر عند سداد الأقساط والفوائد التى تلتهم أكثر من نصف استخدامات الموازنة، بل يمتد الأمر إلى الإيرادات التى لا تكفي لتغطية الاستخدامات، فيتم اللجوء إلى الحصول على قرض جديدة لتغطية فجوة الموارد المحلية، بدلا من البحث عن حلول لزيادة الإيرادات لتغطية الاستخدامات.
وأكد النائب ضياء داود، أن إشكالية القروض أنها لا تذهب لتمويل مشروعات إنتاجية تدر عائدا يضمن سداد الفوائد والأقساط، ويحقق قيمة اقتصادية مضافة، قائلا: ولكن للأسف يوجه الجانب الأكبر من هذه القروض لتمويل مشروعات بنية أساسية بعضها لم يكن ضروريا وملحا في ظل ضعف الإنتاج الزراعي والصناعي وضعف الإيرادات الضريبية.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن هذا الملف كان مسار حديث العديد من أعضاء المجلس، أثناء مناقشة الموازنة الحالية أو الحسابات الختامية للموازنة الماضية، مؤكدا أنه على الرغم من رفض العديد من الأعضاء لمشروع الموازنة بسبب القروض إلا أن الأغلبية وافقت.
واتفق معه النائب عاطف مغاوري، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع بمجلس النواب، مشددا على الحكومة ضرورة البحث عن مصادر تمويل لسداد الديون الداخلية والخارجية بعيدا عن التوسع في ملف الاقتراض، لاسيما وأنه يلتهم جزء كبير من موارد الدولة، بما يؤثر سلبا على المواطن المصري.
بدائل الديون
وقال عضو مجلس النواب: على الحكومة أن تبحث كثيرا عن وسائل وموارد لسداد الديون قبل أن تقترض من الخارج، وتورث الأجيال القادمة ديونا، خصوصا وأن فوائد الدين تزداد بشكل كبير.
وقال النائب: الموازنة العامة للدولة التي وافق عليها مجلس النواب قبل يونيو 2022، تتضمن مبالغ ضخمة ومخيفة لسداد أقساط الديون، في الوقت الذى تقل فيه الاستثمارات، الأمر الذي قد يدفع إلى مزيد من الاستدانة.
وشدد عضو مجلس النواب، على ضرورة أن تلتزم الحكومة بتعهداتها بتنفيذ توصيات البرلمان في شأن اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والتي من شأنها المساعدة في الحد من الاستدانة، مهما كانت تلك الاستدانة سهلة وبها تسهيلات في السداد.
وحول المقترحات للحد من الاقتراض الخارجي، دعا عضو مجلس النواب، الحكومة إلى أهمية البحث موارد جديدة منها على سبيل المثال فرض ضريبة على زيادة مظاهر الإنفاق، مشيرا إلى أن هناك مظاهر إنفاق باهظة، لا تتماشى مع ما هو معلن أو يتم حصره من أملاك وممتلكات لبعض الشخصيات، ما يتطلب من الدولة إعادة النظر في تلك المظاهر وفرض ضريبة عليها، لصالح سداد الديون وتخفيف الأعباء عن المواطن البسيط.
وأكد النائب عاطف مغاوري، أنه لا يمكن الاستغناء نهائيا عن القروض، قائلا: لكن علينا البحث عن مصادر تمويل محلية، لاسيما وأن هناك تقرير يؤكد أن مصر بها ما يقرب من ١٧ ألف شخص ثرواتهم تتعدى المليار جنيه، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتطلب استحدث قانون لفرض الضرائب على هذه الفئات للحصول على حق الدولة وزيادة الحصيلة الضريبية، ومن ثم تقليل الاعتماد على الخارج من خلال الاقتراض.
وشدد عضو البرلمان، على أهمية الإسراع في برنامج إحلال الواردات، ووقف استيراد ما يتم إنتاجه محليا وكذلك تقليل الارتباط بالدولار من خلال الربط بالعملات الأخرى والصفقات التبادلية.
من جانبه طالب النائب محمد بدراوي، عضو مجلس النواب، بضرورة وضع سقف زمني محدد لمواجهة ملف الاقتراض سواء الداخلي أو الخارجي، محذرا من استمرار الأوضاع الاقتصادية بالوضع الحالي.
وقال عضو البرلمان: الأوضاع الاقتصادية الحالية تتطلب العمل من أجل تعديل الرؤى والسياسات الخاصة بالنشاط الاقتصادي لتقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي.
من جهته طالب الدكتور أيمن أبو العلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، الحكومة بضرورة الاستخدام الأمثل للقروض.
وأشار إلى أن مجلس النواب، الذي وافق على العديد من الاتفاقيات بقروض، أوصى الحكومة أيضا بضرورة الاستغلال الأمثل لها لتحقيق الأهداف المرجوة منها.
وقال النائب: هناك العديد من التوصيات البرلمانية التي صدرت عن مجلس النواب للحكومة في شأن ملف الاقتراض والحد منه، لاسيما أن جزءا كبيرا من موارد الدولة يذهب لسداد فوائد الديون الخارجية.
ولفت عضو مجلس النواب، إلى أن لجنة الخطة والموازنة بالمجلس، أكدت على الحكومة أكثر من مرة على ضرورة استغلال القروض وفقا لتوقيتاتها من أجل تحقيق الاستفادة القصوى منها.
نقلًا عن العدد الورقي..،