مدبولي لا يترجم شعاراته
"أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك استعجب"، مثل شعبي ينطبق قولا وفعلا على رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، فهو كثير الكلام قليل الفعل، يعتقد أنه نجح وأنجز رغم الحال البائس الذي أصبحت عليه البلد في ظل سلطة تنفيذية أهدرت مئات مليارات الدولارات في مشروعات لا عائد منها ومازالت مصرة على استكمالها، وعلقت عجزها عن الإنجاز والإخفاقات المتتالية على شماعة الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب من فشلها براء، لأنه لا توجد دولة في العالم تدهور اقتصادها وعملتها مثل مصر، وهو أمر لاحت بوادره قبل الحرب.
قلنا عند التغيير الوزاري الشكلي، أنه كان يجب تغيير السياسات والنهج، ما يستدعي الاستعانة برئيس وزراء لديه استراتيجية وخطط واضحة للتعامل الحاسم مع معضلات ووضع حرج أوصلتنا إليه عشوائية حكومات مدبولي، الذي يبدو أنه اعتقد بنجاحه لمجرد استمراره على رأس الحكومة، فأخذ يتفلسف مطلقًا شعارات لم يحقق منها شيئًا، ويمكن بسهولة إدانته من أقواله وتنظيراته.
دعا مصطفى مدبولي، إلى ضرورة الترشيد والتقشف، وأظلمت حكومته الشوارع والمباني المهمة، ما أتاح فرصا ذهبية للخارجين على القانون وزادت الجرائم، التي تسارعت وتيرتها في الفترة الأخيرة نتيجة الفوضى وانفلات الشوارع! في وقت التقشف والترشيد المفترض وجدنا مصطفي مدبولي، يزيد العبء على الميزانية ويعقد اجتماعاته صيفًا في مدينة العلمين الساحلية..
أي أنه إما يقيم وأعضاء الحكومة في العلمين وتركوا مصالح البلاد والعباد للاستمتاع بالصيف، أو أنهم أخذوا الطريق بين القاهرة والعلمين "رايح جاي" وهدر البنزين على طريق طويل رغم ارتفاع سعر النفط عالميًا، لكنه متاح لهم مجانًا على حساب الدولة!
ويزيد هدر المليارات في "بلد فقيرة أوي"، بتشييد ثلاث مقرات للحكومة، الأولى موجودة في القاهرة، والثانية بنيت في العاصمة الإدارية والثالثة شيدت في العلمين كمقر صيفي، والسؤال أليس الشعب أحق بهذه الأموال المهدرة وبذخ لم نشهده في دول العالم الثرية؟!
سمات القائد الناجح
استمر الهدر الحكومي رغم الأزمة الخانقة، مع الإصرار على عقد مؤتمرات وملتقيات لا طائل منها وبالإمكان تأجيلها أو حتى إلغائها بالنظر لتكاليفها الكبيرة، مثل "ملتقى لوجوس الثالث للشباب 2022" في العلمين، وفيه استفاض مدبولي في الحديث عن "سمات القائد الناجح"، وضرورة أن تكون "لديه رؤية استراتيجية واضحة تترجم إلى خطط تنفيذية، واختيار فريق عمل يتميز بالكفاءة والقدرة على تنفيذ الخطط بنجاح، مع متابعة يومية لما تم إنجازه على الأرض"!.
هل لدى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الحكومة السمات التي أتحفنا بها، وهل وضع خلال السنوات السابقة استراتيجية وخطط واختار من ينفذها على أرض الواقع؟!، حقيقة لو كان مدبولي ترجم ونفذ ما يقوله، ما وصل الاقتصاد والجنيه إلى مستوى بالغ السوء، جعل أحد اللاجئين، ممن يعيش وملايين غيره عالة على بلدنا، يتندر أمس على حالنا في تغريدة، قائلا إن "مصر فقدت ثقلها وتأثيرها في المنطقة وأصبحت عالة على الدول العربية"!.
لو تمتع مدبولي، بسمات القائد التي أدلى بها، كان تابع المنجزات في محطات الكهرباء الجديدة، التي تكلفت عشرات المليارات، وأصبح لدينا فائضًا كبيرة منها، لكن رغم الفائض عاد الانقطاع بشكل يومي، لعدم تطوير شبكة نقل وتوزيع الكهرباء بما يتناسب مع زيادة الإنتاج وقدرات المحطات الجديدة، وهو أمر بديهي لا يحتاج قدرات خارقة بل مجرد متابعة!.
تطرق مصطفي مدبولي، في ملتقى العلمين إلى ضرورة دعم السياحة دون أن يقول كيف؟ وأشاد بمجهود الوزير السابق د.خالد العناني، في النهوض بقطاع الآثار، لكنه لم يتطرق إلى الإخفاق في الترويج السياحي طيلة السنوات الماضية، ولماذا لم يبحث خطط تنشيطها وجذب السياح لمصر، التي تتمتع بجميع أنماط السياحة من شاطئية وعلاجية وتاريخية ودينية وترفيهية بشكل غير موجود في أي دولة بالعالم، وأغفل كذلك أن مصر حلت سادسة عربيًا في ترتيب إحصاء منظمة السياحة العالمية هذا العام، بعد السعودية والإمارات والمغرب وتونس وسورية على التوالي، فأي فشل هذا وعن أي سمات وخطط يتحدث رئيس الحكومة؟!.
أعلن مدبولي، إن "مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء رصد في الأشهر الثلاثة الأخيرة 150 مقالة سلبية عن مصر في صحف ومواقع عالمية، وهي مقالات مدفوعة من قبل جهات معينة"، داعيًا المشاركين في الملتقى إلى توضيح الصورة الحقيقية لمصر، لكنه لم يتناول ما فعلته الحكومة ردا على المقالات السلبية، أو ما قامت به الهيئة العامة للاستعلامات بموظفيها أو حتى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ردا على هؤلاء وتوضيح الحقائق، بعدما أغفل تعيين وزيرًا للإعلام في الحكومة الجديدة، رغم استقالة الوزير السابق منذ نحو سنة ونصف؟!